الشيخ يوسف القرضاوي يرثي معالي الدكتور رحمه الله ويعدد مآثره
الشيخ يوسف القرضاوي يرثي معالي الدكتور رحمه الله ويعدد مآثره عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنت بخير. أهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله في كتابه العزيز {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل:43] ويقول عز من قائل {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ}[النبأ:1] ويقول سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..}[المائدة:101] السؤال مفتاح العلم وتحفيز للذهن، وقد جاءت الأسئلة بكثافة كبيرة في القرآن الكريم تستدعي التأمل والتدبر، فكيف استعمل القرآن الكريم منهجية السؤال؟ وما أنواع السؤالات في القرآن الكريم؟ وكيف كان موقفه من مختلف الأسئلة؟ "السؤال والمساءلة" موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. مرحبا بكم سيدي.
يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.
الأسئلة الممنوعة وموضوع تكرار السؤال
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور في الوقت الذي يقرر فيه القرآن الكريم فضيلة السؤال جاء النهي عن بعض الأسئلة أو عن نوع من الأسئلة، هل يمكن الحديث بداية عن أسئلة محظورة أو ممنوعة؟
يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد، فأتوجه إلى الإخوة والأخوات في العالم الإسلامي وفي بلاد العرب والخليج خاصة وقطر بالأخص بالتهنئة بهذا العيد عيد الأضحى المبارك الذي أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عيد خير وبركة على أمة الإسلام وأن يهله ويعيد أمثاله على أمتنا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ويرضى، وأن يتقبل حج الحجاج ويعيدهم بسعي مشكور وحج مبرور وتجارة لن تبور. وأحب قبل أن أجيب عن السؤال أن أتحدث عن أمر وأنه جرت عادتنا في هذا البرنامج أن نرثي من لقي ربه من علماء الأمة ومن دعاتها وقد لقي ربه منذ أيام قليلة أحد العلماء والدعاة والمربين والموجهين وهو سعادة الأخ الحبيب الدكتور محمد عبده يماني الذي عاش في عمره وخصوصا سنواته الأخيرة عاش لهذا الإسلام ليدعو إليه ويكتب في الصحف وكان يرأس جامعة الملك عبد العزيز مدة من الزمان وأيضا عمل وزيرا للإعلام وعمل رئيسا لمؤسسة اقرأ الخيرية وكان له باعه الطويل في عمل الخير وفي خير العمل وعرفناه في المؤتمرات والندوات يعني مشاركا مشاركة إيجابية في كل عمل نافع لا يسمعنا إلا أن نسأل الله تبارك وتعالى أن يتغمده برحمته وأن يسكنه الفردوس الأعلى وأن يحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يرزق أهله ومحبيه الصبر والسلوان ويعوضهم خيرا. وهذه المناسبة الحقيقة فاتني أن أرثي أحد الإخوة كنت مسافرا ولم أعلم بوفاته إلا بعد فترة وهو أخونا العالم الداعية الكبير الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين أستاذ اللغة وعلوم القرآن والذي نذر نفسه للدعوة إلى الإسلام والذي ترجم عددا كبيرا من اللغة الفرنسية من تراث المفكر الإسلامي الجزائري المعروف مالك بن نبي ترجمه إلى العربية فأسأل الله أن يتقبله في الصالحين من عباده وأن يجزيه خير ما يجزي العلماء العاملين والدعاة الصادقين، كانت هذه كلمة لا بد منها قبل أن نجيب عن سؤالك أخ عثمان.
عثمان عثمان: هل هناك أسئلة محظورة أو ممنوعة فضيلة الدكتور؟
يوسف القرضاوي: نعم، هناك أسئلة ممنوعة ذكرها الإمام الشاطبي في الموافقات، يعني هناك عشرة أنواع من الأسئلة، الأصل الأسئلة مطلوبة ولكن هناك نوع من الأسئلة يدخل في نوع من المنع والحظر مثل الأسئلة التي لا تنفع الناس، في ناس مولعين بالأسئلة غير النافعة يشغلون بها أوقاتهم وأوقات العلماء يعني كما حكي أن بعض العلماء أحدهم يسأله، أرسل له رسالة في كفة الميزان يوم القيامة من ذهب أم من فضة أم من إيش، فأرسل له يقول له، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" وبدل أن تشغل نفسك ماذا تكون كفة الميزان أثقل كفة حسناتك، يعني {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ}[القارعة:6، 7] وسترد يوم القيامة وتعرف من أي شيء تتكون، فمثل هذه كان الإمام الشعبي من أئمة التابعين وكان يجيب عن هذه الأسئلة التي لا خير فيها بالسخرية، واحد سأله ما اسم زوجة إبليس؟ قال له هذا عرس لم أشهده، ما حضرتش العرس ده علشان أعرف. واحد سأله لحيتي كثيفة أعمل إيه في الوضوء، قال له انقعها من الليل. فهذه أحيانا.. واحد سألني مرة هو أخت سيدنا موسى اسمها إيه؟ قلت له والله ما أعرفش، قال إزاي تبقى عالما وما تعرفش؟! قلت يا أخي هو أنت حتخطبها! اسمها ماريا ولا مريم ولا عائشة ولا فلانة، إيش.. القرآن لم يهتم بذكر هذه الأشياء، لا ذكر لنا اسم أم موسى ولا اسم أخت موسى ولا اسم امرأة موسى التي تزوجها لم يعن بهذه الأشياء، فأحيانا بعض الناس يشغلون العلماء، هو سؤال القبر باللغة بأي لغة السريانية ولا بالعربية ولا.. يا أخي هو حيكون بلغة تفهمها حيسألك الملك حتعرف ماذا يريد منك..
عثمان عثمان: أسئلة لا فائدة منها.
يوسف القرضاوي: هناك أسئلة ليس فيها نفع، وهناك أسئلة يراد بها الإعنات، عايز يعنت العالم أو يحرجه أو يوقعه يعني في مشكلة يعني هذا لا يجوز والنبي عليه الصلاة والسلام غضب مرة من الأسئلة التي من هذا النوع، واحد قال له أين أنا؟ قال له في النار. واحد قال له من أبي؟ قال أبوك حداثة، حتى أمه قالت له لقد عققتني بهذا السؤال، لأنه معناه لو فرض أن الأم أخطأت، أخطأت وربنا ساترها، لأنه يقول لك الولد للفراش الأصل كده، فلو تسأل يعني افرض أنه كان حقيقة ما كانش أبوه حذافة اللي هو ينسب إليه معناه فضح أمه على رؤوس الأشهاد. ذكر الإمام الشاطبي عشرة مواضع مثل أن يسأل عن المتشابهات، القرآن طبعا منه المحكمات هن أم الكتاب وأخرى.. فده يترك المحكمات ويسأل عن المتشابهات، الأسئلة اللي فيها تكلف زي سيدنا عمر كان ماشي في الطريق ونزل عليه ماء من الميزاب، الميزاب يعني اللي معمول في السطح الماسورة اللي بتنزل الماء فكان معه رفيق له، قال يا صاحب الميزاب ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال يا صاحب الميزاب لا تخبرنا فقد نهينا عن التكلف، يعني أصل الماء طاهر ليه تسأل أنت علشان تشدد على نفسك؟ ولذلك جاء في الحديث إن من أعظم الناس جرما من أعظم المسلمين جرما رجل سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته، يعني هو السبب في.. الأصل إذا حدث البيان لا تسأل أسئلة تشدد عليك زي بني إسرائيل لما سيدنا موسى قال لهم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة، قال ابن عباس لو ذهبوا إلى أي بقرة وذبحوها لأجزأتهم، خلاص، إنما ظلوا بالأسئلة الكثيرة {قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ..}[البقرة:68] لا هي شابة ولا هي عجوزة ولا.. فأصبح مكلفين، وبعدين {قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ}[البقرة:69] وبعدين ثاني.. كل مرة يجي لهم تشديد فأصبحوا تعبوا حتى وجدوا البقرة التي فيها هذه الأوصاف {..فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}[البقرة:71] ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال "ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة أسئلتهم واختلافهم على أنبيائهم" هو يشير إلى جماعة بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم، فعشرة أنواع من الأسئلة اعتبرها الإمام الشاطبي في الممنوعات.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور في موضوع تكرار السؤال بصيغ مختلفة ومتعددة لاستجلاء الحكم أو الحقيقة هل في ذلك شيء هل فيه انتقاص من قدر السائل والمسؤول؟
يوسف القرضاوي: لا، إذا كان قصده الاستفهام ليعرف الحقيقة يعني لا بأس في ذلك، هو الأصل في السؤال.. لماذا يسأل الإنسان؟ الأصل في السؤال هو المعرفة، يعني الإمام الراغب الأصفهاني يقول مفردات القرآن يقول الأصل في السؤال استدعاء معرفة أو استدعاء مال لأن السؤال واحد بيسأل علشان يعرف وواحد بيسأل فلوس، يعني بيسأل واحد غني علشان يعطيه ولذلك في القرآن {..وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ..}[البقرة:177]، {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}[الضحى:10] هذا له تفسيران إما سائل المال لا تنهره واحد جاي يسألك لا تنهره، يا تدي له يا تصرفه بالمعروف وإما السائل في العلم يسأل مسألة يريد أن يستفيد منها، فأصل السؤال هو استدعاء المعرفة ولكن إذا كان عايز يشقق على نفسه، حتى في واحد لما يسألك سؤالا ولكن يظل وراءك لحد ما تقول له حرام، يعني هو بيشدد على فهذا هو الممنوع، وهنا جاءت الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..} يعني فالإمام محمد رشيد رضا رحمه الله عمل كتابا اسمه "يسر الإسلام" وهو أخذه من هذه الآية ليه؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..} أنه عايز يسأل لحد ما يوجب عليه تكاليف جديدة أو محرمات جديدة وربنا يريد تقليل التكاليف يعني الإسلام كان يحرص خصوصا في زمن نزول النبوة على تقليل التكاليف، النبي عليه الصلاة والسلام صلى في رمضان وتجمع الناس حوله، ليلة واثنين ثاني ليلة لم يخرج بالناس ليه؟ خشي أن تفرض عليه يعني صلاة التراويح أو قيام رمضان، فحتى لا يحدث هذا امتنع عن الخروج عليهم في زمن التشريع في التكاليف ممكن أن تفرض فلذلك الآية دي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..} اعتبرها مجدد الإسلام السيد محمد رشيد رضا اعتبرها أساسا في يسر الإسلام لأن الإسلام يريد أن يقلل من الواجبات على الناس الفرائض ويقلل المحرمات على الناس بإيه؟ بقلة الأسئلة، ومن هنا النبي عليه الصلاة والسلام في يوم من الأيام سأله الصحابة قال لهم اسألوني اسألوني وغضب حتى أن سيدنا عمر قال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما، فهدأت نفس النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الناس أصبحوا عايزين يسألوا أشياء لا يجوز أن تسأل، غيبيات وأشياء ستر الله عليها لا داعي لأن يثيرها الناس.
عثمان عثمان: يعني آخذ سؤالا من الأخ أنس من طنجة يقول هل يجوز للإنسان العادي أن يطرح جهارا أسئلة جريئة من قبيل {.. قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ..}[البقرة:30] وبالتالي هي يجوز طرح الأسئلة الوجودية والفلسفية للنقاش على الملأ؟
يوسف القرضاوي: لا، هذه في أسئلة لا يجوز أن تطرح إلا في مجتمع خاص، يعني العلماء أنكروا على من يسأل عن الصفات وعن أحاديث الصفات وآيات الصفات ومالهوش شغلة إلا يقعد يسأل، سيدنا عمر ضرب واحدا اسمه صبيغ كانت مهمته أن يتتبع العلماء ويسأل عن هذه الأشياء، فضربه ليه؟ لأن هذا يحدث فتنة، لأنه في أشياء بيسأل عن الذات الإلهية، نحن لم نعرف حقيقة أنفسنا يعني ما نعرفش ذواتنا إحنا كنهنا إيه بالذات، واحد من كبار العلماء وآخذ جائزة نوبل في العلوم اسمه أليكسيس كاريل عمل كتابا اسمه "الإنسان ذلك المجهول" وقال إنه إحنا نعرف أشياء كثيرة في الكون ونعرف الذرة ونعرف كذا لكن الإنسان ذلك المجهول يجهل نفسه ويجهل حقيقة نفسه، وهذا ما ذكره القرآن في السؤال عن الروح حينما سأله عن الروح، هل كانوا يسألون عن روح الإنسان أم كانوا يسألون عن.. الروح له أكثر من معنى، الروح يعني هو جبريل {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}[الشعراء:193] والروح أحد الملائكة {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ..}[القدر:4] والروح سيدنا عيسى {..وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ..}[النساء:171] والروح الإنسانية والروح اللي مقابل المادة، فكانوا يريدون الرسول يكون إذا أجاب عن هذا يقولون لا ده أنت لم تجب عن.. فكان الإجابة إجابة عامة {..قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء:85].
مجالات الأسئلة وأهميتها في تكوين المسلم
عثمان عثمان: نعم فضيلة الدكتور لو أردنا أن نتحدث عن ثقافة السؤال أن يتساءل الإنسان عما حوله عما في الكون، ما أهمية هذه الثقافة في تكوين الشخصية الإسلامية في تكوين الشخصية العلمية لهذا الإنسان؟
يوسف القرضاوي: السؤال شيء مهم جدا حتى يعني علماؤنا قالوا العلم مفتاح السؤال، وقالوا أيضا حسن السؤال نصف العلم وكان بعض العلماء وبعض الفلاسفة والمفكرين يصفونه بأنه يحسن أن يسأل يعني أهميته أنه يثير تساؤلات وهذه التساؤلات تحتاج.. ومن لا يهتم بالجواب إنما يهتم بإيه؟ بالسؤال، سيدنا عمر له كلمة يقول أنا لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فقد ضمنت الإجابة، أن يحسن أن يدعو، واحد يقول يحسن أن يسأل، حسن السؤال، في حديث معروف مشهور اسمه حديث جبريل، حديث جبريل ده جاء لما النبي عليه الصلاة والسلام يعني غضب على الصحابة حينما أكثروا السؤال ولذلك الإمام الشاطبي في موافقاته في قاعدة عنده يقول الإكثار من السؤال مذموم، الإكثار من السؤال مذموم واستدل على ذلك في الآية {..لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..} وبحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" فكثرة السؤال من غير.. فالصحابة أحيانا كانوا توجسوا خافوا لما غضب الرسول من الأسئلة التي لا معنى لها، توجسوا من السؤال وكانوا ينتظرون يأتي واحد من البادية يسأل النبي عليه الصلاة والسلام يغنيهم عن أن يسألوا هم، حتى جاء جبريل في هيئة رجل كما جاء في حديث يعني عمر رضي الله عنه رجل ليس عليه هيئة السفر ولا يعرفه منا أحد، لا هو شكله جاي وعليه وعثاء السفر..
عثمان عثمان: مش مسافر.
يوسف القرضاوي: مش مسافر، مش معروف طيب من أين.. فسأل الأسئلة المعروف أسئلة أساسية عن الإسلام عن الإيمان عن الإحسان وسأل سؤالا أيضا مما لا ينبغي أن يسأل، سؤال عن الساعة، متى الساعة؟ النبي عليه الصلاة والسلام قال له "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وأجابه عن الإسلام ما هو الإسلام وأجابه عن الإيمان ما هو الإيمان وأجابه عن الإحسان ما هو الإحسان، هذه الإيمان الذي يتعلق بالعقائد والإسلام الذي يتعلق بالأعمال الظاهرة والإحسان الذي هو الترقي في القرب من الله تتعلق بتذكية النفس "قال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وبعدين سأله عن الساعة وعن أمارات الساعة وعلاماتها ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال لهم أتعرفون من الذي كان يسأل؟ قالوا لا، قال هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. كيف يعلمهم وهو ما عملش حاجة غير أنه سأل أسئلة، إنما هذه الأسئلة أسئلة معلمة لأنه سأل عن أشياء أساسية ما هو الإسلام وما حقيقة الإسلام ما الإيمان وما حقيقة الإيمان وما الإحسان.. فلذلك أتاكم يعلمكم دينكم مما يدل على أن حسن السؤال فعلا هو نصف العلم.
عثمان عثمان: هنا السؤال عن أهمية ضبط السؤال ودقته أسمع الإجابة إن شاء الله بعد فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.
عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام أهلا ومرحبا بكم من جديد إلى حلقتنا لهذه الليلة من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان السؤال والمساءلة في القرآن الكريم مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. سيدي تحدثتم عن الأسئلة التي يجوز طرحها عن الأسئلة التي هناك حظر عليها، نريد هنا أن نسأل على دقة السؤال وأهمية هذه الدقة والضبط.
يوسف القرضاوي: طبعا هو هناك سؤال العلماء، العالم حينما يسأل يكون سؤاله دقيقا في عندنا شيء العلماء يسمونه أن يكون جامعا مانعا، فيسأل السؤال ما يخرش الماء وحتى يعني كان عندنا علماء في الأزهر يقول لك إذا وقعت قدام فلان الفلاني ده أنه أسئلته تقول لك أسئلة عمولة مش أسئلة سوقية، أسئلة.. فيسأل السؤال المضبوط وفي ناس تسأل أي شيء يجي على بالها تسأل، ولذلك المهم أن تسأل عالما، الآية اللي إحنا بدأنا بها بدأت بها الحلقة آية إيه؟
عثمان عثمان: {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
يوسف القرضاوي: {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} وهذه آية تكررت مرتين في القرآن مرة في سورة النحل ومرة في سورة الأنبياء، اسأل أهل الذكر يعني أهل الخبرة، في آية أخرى يقول {..فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}[الفرقان:59] اسأل خبير ما تسألش جاهلا.
عثمان عثمان: كل في اختصاصه طبعا.
يوسف القرضاوي: إذا سألت جاهلا حيوديك في داهية، إنما اسأل خبيرا {..وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر:14] فتسأل أهل الذكر أهل المعرفة هذا.. وده للأسف كثير من الناس لا يسألون أهل الذكر، كثير من الناس يسألون في الفقه أهل الوعظ، وهناك ناس لا تعرف أن العلماء أنواع، في واحد مثلا خطيب يهز أعواد المنابر ويملك أذمة المشاعر ويثير القلوب ويحرك الأنفس والضمائر، خطيب مصقع داعية ممتاز لكنه ليس فقيها فمن الخطأ أنك تروح تسأل الواعظ الخطيب المصقع تسأله في دقائق الأمور الفقهية.
عثمان عثمان: ومن الخطأ أن يجيب عليها أيضا.
يوسف القرضاوي: آه، وهو كثير من الناس لا يعرف نفسه، فاهم إنه ما دام هو واعظ كبير يبقى فقيها كبيرا، لا مش صحيح هذا، لا بد من أن تفرق بين العلماء بعضهم.. في طبعا أسئلة بسيطة ممكن تسأل عنها أي عالم يعني حتى.. إنما في أسئلة دقيقة وتحتاج إلى فقه عميق لازم تسأل أهلها، الله تعالى يقول {..وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ..}[النساء:83] فلازم تعرف العالم الذي توجه إليه سؤال، أنا أعرف واحدا عالما كان مفسرا للقرآن كان إذا سئل في الفقه يقول يا جماعة أنا أستاذ تفسير ولست أستاذ فقه، اسألوا في ذلك فلانا وفلانا ممن يعرفون الفقه، فهذا يعرف قدر نفسه ولذلك من المهم أن تعرف العالم الذي تسأله. من الخطر الذي نبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" هذه المشكلة الكبرى أنه لا يوجد العالم، العلماء يذهبون وكثير من العلماء يذهب ولا يعوض لا تجد عالما يقوم مقامه، يعني إن شاء الله لسه ما جاءت هذه المرحلة ولكن هي جزئيا موجودة، يذهب بعض العلماء ويأتي علماء هم من هؤلاء الرؤوس الجهال والذين يقحمون أنفسهم في كل شيء وبعضهم يسأل السؤال وكما قال بعض السلف يسأل في المسألة لو سئل عنها عمر لجمع لها أهل بدر، ما يجرؤ عمر يفتي بها يأتي بأهل بدر يشركهم معه.
عثمان عثمان: والبعض تسأله عن الفتوى يقول لك دي لعبتي؟
يوسف القرضاوي: فمن المهم فعلا أن نضع الأمر لأهله، كان بعض السلف يقول.. يبكي، ما لك تبكي؟ يقول حدث في الإسلام أمر عظيم، استفتي من لا علم له، ويقول بعضهم وبعض من يفتي اليوم أحق بالسجن من السراق، يعني اللصوص.. هم أحق بالسجن لأن اللص بيسرق مالك إنما ده بيسرق دينك، يعطيك يعني شيئا يحرم عليك ما أحل الله، يوجب عليك ما لم يلزمك الله به، يعني يبيح لك بدعة لا تجوز في دين الله، يشرع في الدين ما لم يأذن به.. أشياء خطيرة جدا فهذا مما ينبغي التنبيه عليه والتحذير منه.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما يعني فيما رواه الطبراني وغيره أن الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم 12 مسألة أجاب عليها القرآن، يعني يسألونك عن الأنفال عن الأهلة عن المحيض عن اليتامى، ماذا أحل لهم عن الساعة عن الجبال عن الخمر والميسر عن الشهر الحرام، ماذا ينفقون، وإذا سألك عبادي عني، يعني هذه الأسئلة عامتها مدنية مما يدخل في التشريع الإسلامي، ما دلالة ذلك؟
يوسف القرضاوي: ما معنى مدنية؟
عثمان عثمان: نزلت في المدينة المنورة.
يوسف القرضاوي: لا، مش كلها، يعني في يسألونك عن الساعة هذه أسئلة مكية يعني أكثر الأسئلة عن الساعة مكية وهذه ليست من أسئلة الصحابة وإنما أسئلة.. عادة كان الكفار هم الذين يسألون عن الساعة {..قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً}[الأحزاب:63]، {..قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ..}[الأعراف:187] {..يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ..}[الأعراف:187] هذه كانت أسئلة.. وأسئلة الجبال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}[طه:105] دي أسئلة متعلقة بالعقيدة غالبها ليس من الصحابة، سيدنا عبد الله بن عباس يقول "ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم" أسئلة عملية، يسأل في الطهارة {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ..}[البقرة:222] يسألون عن الإنفاق {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ..}[البقرة:215] سؤالان عن الإنفاق، سؤال كان عن مصرف الإنفاق، الجواب يدل على أنهم كانوا مهتمين بالمصرف أو هو قال لهم إنه أهم من أن تسألوا ماذا تنفقون اسألوا عن المصرف يقول {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ..}[البقرة:215] والسؤال الآخر {..وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ..}[البقرة:219] أي ما فضل عن الحاجة، لا تنفق ما تحتاج إليه لنفسك، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول وبعدين الآخرين ويسألونك {..وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ..}[البقرة:220] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ..}[البقرة:219] في أسئلة وحتى حينما سألوا عن الأهلة ومعظم المفسرين يقولون إنهم سألوا لماذا يبدأ الهلال رقيقا كالخيط ثم يكبر شوية شوية وبعدين يبدأ ثاني يصغر بعدما يصير بدرا مكتمل يرجع يصغر، وهذه أسئلة تتعلق بعلم الفلك لا يمكن القرآن أن يشرحها لهم لأنهم ليس عندهم مقدمات لهذه الأشياء، فقال لهم الأولى تسألوا عن نفع الأهلة، فالأهلة هي إيه؟ {..قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ..}[البقرة:189] إلى آخره. فابن عباس يقول يعني على خلاف ما قيل في البتاع أن الأسئلة في القرآن مكثفة جدا جدا يقول لا الصحابة ما سألوش إلا 12 سؤالا أو 14 سؤالا، هم الحقيقة 14 سؤالا معظمها أسئلة عملية يعني الأنفال والغنائم والأشياء من هذا النوع، وبعضها في أسئلة جاءت بغير سؤال، هذه كلمة الاستفتاء {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ..}[النساء:176] هذا نوع من السؤال أيضا وإن كان جاء بغير السؤال، {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ..}[النساء:127] إلى آخره، هذا نوع من الأسئلة جاء بلفظ الاستفتاء غير الـ 14 اللي ذكرها ابن عباس.
عثمان عثمان: سامي مصطفى يعني يقول في هذا الموضوع هل ترون في كلمة "يسألونك" أنه أسلوب بلاغي لإثارة اهتمام القارئ والمستمع للقرآن الكريم؟
يوسف القرضاوي: هو فعلا في نوع من.. إنما هو أيضا ليس معنى هذا أنهم لم يسألوا، هم يسألون، إنما هو القرآن له يعني طريقتان في بيان الأحكام، الطريقة الأولى مباشرة، الأمر والنهي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ..}[المائدة:1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى..}[البقرة:178]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا..}[المائدة:38] هذا الأمر المباشر أو النهي المباشر، والسؤال الثاني طريقة السؤال والجواب، ودي أيضا ويعلمنا أيضا أنه إحنا نعلم الناس بهذه الطريقة، ممكن نكتب.. أنا في كتبي أكتب، كتاب فقه الزكاة أو فقه الجهاد أو الحلال والحرام وفقه الغناء والموسيقى وممكن لي كتب اسمها الفتاوى، فتاوى معاصرة أربعة أجزاء مجلدات كبيرة، إجابة عن أسئلة الناس، وهكذا يعلمنا القرآن كيف نفقه الناس في دينهم إما بالبيان المباشر وإما بالإجابة عن أسئلة الخالق.
عثمان عثمان: فضيلة الدكتور هناك أنواع من الأسئلة تحدثنا عن السؤال المعرفي باستفاضة، هناك السؤال التاريخي {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ}[يوسف:7] ما أهمية الاعتبار بالتاريخ والسؤال عنه؟
يوسف القرضاوي: هو في أسئلة تاريخية فعلا والقرآن كان يجيب عنها مثل قصة يوسف هذه ومثل قصة ذي القرنين {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ..}[الكهف:83] سألوا عن ملك عن كذا وكذا فجاء بهذا الملك الفاتح المؤمن ولذلك يعني بعضهم يقول ده هو الإسكندر المقدوني، يعني الإسكندر المقدوني لم يكن مؤمنا كان وثنيا معروف أنه وثني، اليونانيون في ذلك الوقت كانت عندهم آلهة الحب وآلهة الحرب وآلهة الزرع وآلهة مش عارف إيه ويعني أن يكونوا يعني موحدين، إنما هذا الملك يعني ما نراه في القرآن ملكا موحدا {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً، وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى..}[الكهف87، 88]، وحينما أقام السد {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء..}[الكهف:98]، {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ..}[الكهف:95] فهذا من الأسئلة التاريخية النافعة وهناك أسئلة يعني أيضا عقائدية، يعني كل يرزقه من السماء {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}[يونس:31] يرتب يعني توحيد الإلهية أو توحيد العبادة على توحيد الخالقية أو توحيد الربوبية.
مسائل في أنواع الأسئلة وأحكامها
عثمان عثمان: نعم. سيدي نأخذ بعض المشاركات من السادة المشاهدين الذين أرجوهم أن تكون أسئلة محددة ومختصرة جدا. الأخ إبراهيم بوشكوب من فرنسا.
إبراهيم بوشكوب/ فرنسا: السلام عليكم. سؤال ربما لا يدخل في صلب الموضوع لهذا البرنامج لهذا اليوم ولكن نظرا لوقتيته نرجو أن يلقى صدرا رحبا من طرفكم.
عثمان عثمان: باختصار شديد.
إبراهيم بوشكوب: وهو سؤال يتعلق بالشركة في الأضاحي يعني نحن في أوروبا هنا غالبا ما نلتجئ إلى الشركة في الأضاحي، هل هناك عدد محدد بشأن الأضحية بالبقر مثلا لا سيما ونحن هناك أحاديث تتحدث على سبعة أشخاص..
عثمان عثمان (مقاطعا): نعم سؤالك واضح في هذه المسألة شكرا جزيلا. الأخ حسن الحارثي من السعودية.
حسن الحارثي/ السعودية: السلام عليكم. أنا الشيخ يقول لي أنك لا تسأل عن شيء.. مثلا عن الحلال والحرام، ما نسأل عن الحلال والحرام أبدا، إلا مثلا آخذ الرشوة هنا ما خذين عندنا بالبلد هنا أنه ما يأخذوا الرشوة ويقولون لا تسأل عنها لأنها حلال، ولو أسرق ولا حلال.. وهذا ما يجوز، يعني لا بد يبين الحلال والحرام. الله يجزيك الخير.
عثمان عثمان: مرحبا بك. الأخ جمال الطواب من مصر باختصار أخ جمال.
جمال الطواب/ مصر: السلام عليكم. لماذا خلق الله الدنيا؟ السؤال الثاني ممكن؟
عثمان عثمان: تفضل.
جمال الطواب: داء الإنسان في مختلف أطواره ومصيبة الإنسانية في متباين صورها والغفلة فلماذا كانت الغفلة هي الداء المشترك لأجيال البشرية وهل يسأل الإنسان ويحاسب عن غفلته؟ وبارك الله فيكم وشكرا.
عثمان عثمان: شكرا. علي العبيدي ليبيا؟
علي العبيدي/ ليبيا: السلام عليكم. سيدي الشيخ نحن طبعا نبغى منك تدينا فتوى عن الناس اللي هم يقولون مثلا ويحرمون ويحللون يعني الناس اللي يحللوا ويحرموا دوخونا والله..
عثمان عثمان (مقاطعا): بارك الله فيك أخ علي. الدكتور تطرق إلى هذه المسألة بموضوع دقة السؤال وكيف نسأل السؤال لمن نوجه السؤال، شكرا جزيلا الأخ علي العبيدي من ليبيا. سيدي الأخ جمال الطواب يسأل لماذا خلق الله الدنيا؟
يوسف القرضاوي: المقصود بالدنيا يعني إيه؟
عثمان عثمان: الكون والحياة.
يوسف القرضاوي: خلق الله الكون لنعرفه به لأنه دليل على الله وخلقه أيضا لينتفع به الإنسان، الله سبحانه وتعالى يقول {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ..} لماذا؟ قال {..لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}[الطلاق:12] يعني خلق العالم علويه وسفليه بسماواته وأرضه لنعرفه، لتعلموا، لنعلم الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا {..لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} خلق الله هذا الكون ليكون دليلنا على الله ونعرف الله وإذا عرفنا الله قمنا بحقه عبدناه كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56].
عثمان عثمان: هل يحاسب الغافل على غفلته؟
يوسف القرضاوي: طبعا. الغفلة دي من شر الأدواء التي ذمها القرآن ربنا ذكر عن الكفار ولقد {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:179] فعطلوا الأجهزة اللي ربنا أعطاهم إياها ولم يستخدموها، خربوها، فوصفهم الله بالغفلة، فالغفلة من شر الأمراض والأدواء التي يعتبر الإنسان مسؤولا عنها. ربنا أعطاه البصيرة فأعمى نفسه.
عثمان عثمان: الأخ حسن الحارثي من السعودية يبدو أنه فهم أن عدم السؤال أو قلة السؤال هو ألا نسأل عن الحلال والحرام، كيف نوضح هذه المسألة؟
يوسف القرضاوي: لا، كيف لا نسأل عن الحلال والحرام، أمال حنسأل عن إيه؟ ده من أهم ما نسأل عنه الحلال والحرام، ولكن في عهد النبوة النبي عليه الصلاة والسلام يعني حذر الصحابة أنه هم ما يشددوش حتى يشدد الله، ما يعملوش زي بني إسرائيل ويقعدوا يتعنتوا في السؤال حتى يحرم الله الشيء عليهم، إنما هذا انتهى بانقطاع الوحي، ما عادتش، خلاص اكتمل الدين، اليوم أكملت {..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً..}[المائدة:3] فما عادش يخاف من هذا الأمر، من واجب الإنسان أن يعرف ما يحل له وما يحرم عليه. وألفنا كتابنا "الحلال والحرام" هو إجابة عن أسئلة الناس.
عثمان عثمان: الأخ إبراهيم من فرنسا ربما سأل سؤالا خارجا عن سياق الحلقة ولكن للضرورة نطرحه، موضوع الأضاحي يعني، الخروف كم يعني يجزي عن شخص، البقرة عن كم أو العجل أو كذا، يعني يريد تفصيلا في هذه المسألة بعض الشيء.
يوسف القرضاوي: الخروف يجزي عن الرجل وأهل بيته يعني الأضحية اللي هي تكفي عن واحد لا يعني أنها تكفي عن شخص واحد، لا، عن سيدنا أبو أيوب الأنصاري قال إحنا كنا في عهد النبي الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، بعد كده الناس تفاخروا، إنما المطلوب فقط الشخص وأهل بيته الذين يعيشون في بيت واحد يكفيهم شاة، البقرة تكفي عن سبعة، الناقة تكفي عن سبعة ونقصد البقرة يعني العجل أبو سنتين، بعض الناس سألوني يعني الآن أصبحت العجول اللي بتسمن هذه بعد شهرين يبقى العجل.. هذا أيضا يحتاج إلى.. أنا في اجتهادي أن ده يكفي، يعني لأنه كان السن المقصود بها أن يصل في حجمه إلى أن يكفي عددا من الناس أكثر من الشاة أو الخروف، فهذا هو المقصود والإسلام شرع هذا في عيد الأضحى ليوسع الإنسان على نفسه وعلى أهله وجيرانه وعلى فقراء المسلمين، ربما في بعض الناس أسمع الناس دلوقت يقولون اللحمة من العيد للعيد والفاكهة في المرض الشديد، الفقر الذي طحن الناس في بعض البلاد أصبح ما يقدرش.. يقول لك في مصر الكيلو بـ 75 جنيه، في أيام أوائل عهد السادات كان الدكتور صديقنا الدكتور عبد العزيز حجازي كان رئيس الوزراء فاللحمة غليت فالناس طلعوا مظاهرة يقولوا حجازي بيه حجازي بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه، دلوقت 75 جنيه يعني الناس تعمل إيه؟ فيعني الفرصة للناس توسعة على الناس ولذلك ليس المهم أنك تأكل أنت الأضحية لوحدك وتسيب الفقراء لازم توزع ثلثها على الأقل على الفقراء حتى تحقق السنة الإسلامية بهذه المناسبة الكريمة مناسبة العيد الذي أسأل الله أن يجعله بشير خير على أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وأن يجعله نذير حسرة ووبال على أعداء الإسلام حيثما كانوا.
عثمان عثمان: وكما تقولون فضيلة الدكتور ليس من الإسلام أن تأكل ملء بطنك وأن تضحك ملء سنك وجارك يئن من الجوع أنين الملسوع. أشكركم في ختام هذه الحلقة فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة الطيبة. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة وأنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل، وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله، دمتم بأمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.