((والدي أبا ياسر تيتم محبك بفراقك... وأبواه يرزقان)) - الشريف نايف بن محمود العنقاوي الهاشمي الحسني المكي
((والدي أبا ياسر تيتم محبك بفراقك... وأبواه يرزقان))
والدي الحبيب الغالي... عشت بيننا محمداً... وفارقتنا محموداً... لتلاقي بمشيئة الله تعالى شفيعنا وسيدنا وحبيبنا من علمتنا حبه صلوات الله وسلامه عليه، وحب والديه وزوجاته الطيبات الطاهرات وآل بيته وصحبه الكرام... وهو عنك راض... لتسقى بيده الشريفة عند حوضه الشريف شربة هنيئة مريئة لا تظمئ بعدها أبدا.. ولتنعم وتسعد بالجائزة العظمى بنظرك للرحمن جل في علاه في الفردوس الأعلى من الجنة وهو عنك راض رضا لا سخط بعده...فهنيئاً لك والدي شهيد القرآن... حياً وحياً وإن فارقتنا... فأنت من علمتنا بأن المرء يحيا بأعماله الصالحة... وتحيا أعماله بعده، وأن شاءت الأقدار أن تغيبه عن محبيه بجسده... فهو أيضاً من باب ما تركته من علم ينتفع به لتعلمنا بها طعم ألم فراق الأحبة... ونتعلم بها الصبر والإحتساب... لا أتصور والدي الحبيب شكك ولو للحظة في أنها ستبقى روحك الطاهرة العطرة في ذاكرة محبيك، بقدر همك بقبول الله لأعمالك خالصة لوجهه الكريم سبحانه... ولا نزكيك على خالقنا جل في علاه فهو سبحانه عالم بما تخفي الصدور...
فروحك الطيبة، وخلقك وصنيعك وصبرك وعلمك، وجهادك في السير دوماً في طرق الخير وأن شاكت... فكنت تنصر الضعيف المعدم أمام القوي ونفوذه... وتطييب المريض بعونه معنوياً بزيارته والسؤال عنه، ومادياً بالتكفل بعلاجه... وتصلح بين الأخوة والأصدقاء فلا خير في مجتمع متناحر... وتفرج هم المكروب... وشفاعتك للمديون والمسجون... ونصرك للزوجة المكلوبة على أمرها، وهمها حينها الفكاك بجلدها أو الصبر لتربية أبنائها رغم تعنت وجبروت زوجها... وأخذك بيد اليتيم والمعاق والأرملة... وإدخالك للبهجة في قلب العريس وأهله بإطلالتك المستبشرة... والمباركة لمواليدهم... فكم خففت عن قلوب الكثيرين بتعزيتك لهم ومواساتهم... فمن يخفف عزانا فيك يا والدي...
أن وصلك حزني بفراقك... فالتعلم يا والدي بأن محبك تيتم بفراقك... وأبواي يرزقن أسعى لكسب رضاهم لأرحل عنهم إن شاء الله وهم عني راضين لأضمن برضاهم رضا خالقي رغم تقصيري وضعفي...فأسأل العلي القدير أن يجمعني بك وبكل من أحبنا وأحببناهم لوجهه الكريم تحت لواء سيدنا وشفيعنا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، أشهد بها بما لمسته بقربي منك طوال 21 عاماً لا أراك إلا كما رآك المخلصين من عباده الشاهدين لك بحبك لله ورسوله وزوجاته وآل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
والدي الحبيب ما أريده منك أن تطمئن أبنائك (ياسر / عبد الله / عبد العزيز / فاطمة / سارة / غالية) ومحبيك برغم اطمئناني بما تعلمته منك عن سيرة رسولنا صلوات الله وسلامه عليه بأنك أن شاء الله في دار أفضل من دارك وأهلاً وصحبة خيراً من أهلك وصحبك بالدنيا، فأي مقارنة تكون بين أهل الدنيا الخطاءون وأهل الجنان المنعمون...
فالتطمئن ياوالدي حياً وحياً عند مقعد صدق عند مليك مقتدر... بأن محبتك وعملك الصالح مغروسة في قلوب محبيك... ومحبيك كثر... ليس هم فقط أبنائك... فكنت للكثيرين أباً... وأخاً... وصديقاً صادقاً مصدوقاً... فهنيئاً لك بما تركت من عمل صالح، وعلم ينتفع به، وصدقة جارية، وأبناء بررة يدعون لك...
ويسعون ويجاهدون في السير على خطاك... رغم أنك أتعبت من بعدك في حصر أعمالك وخطواتك المباركة... فهم التائهون في مشارق الأرض ومغاربها يتتبعون عملك الصالح... فكيف لمن نوى أن يكون امتداداً لسيرتك الطيبة الطاهرة العطرة... وفقه الله بتوفيقه... وسدد خطاه.....
والدي الحبيب... قبل أن تغيب عنا بجسدك الطيب بثلاث أيام... في ثلاث إتصالات متتالية في يوم واحد... كنت تحثني برعاية ضيوفك ضيوف بيت الله الحرام...فهم من تكفلت بحجهم جعلها الله في ميزان حسناتك وأنت من كنت تنوي القدوم لربك حاجاً... ومن نويت وبدأت في صوم ثمانية أيام ذو الحجة تقرباَ لربك، وطمعاً فيما تجده الآن بحوله وقوته سبحانه... وأنت حينها تداعبني بمقولتك (يالعاب) ما صنعت في تنسيق حملة الحج... وأنت متابعاً لأدق التفاصيل... من ناحية الخدمة... والموقع بعرفة ومنى... حينها طمنتك يا والدي بأن الأمور كلها في توفيق وتيسير المولى، وإبنك ياسر ليس مقصر في متابعته لي أيضاً خدمة لحجاج بيت الله، وبمن استضفتهم بمالك المبارك...
لكن يا والدي أعذرني بأنني لم يمهلني القدر وكلنا راضون بقضاء الله وقدره بأن أقول لك... بأن الجميع يدعوا لك بالرحمة والمغفرة وأن يسكنك المولى فسيح جناته... ويجمعك بمن أحببته... ببركة حبه ورضا ربه عنك إن شاء الله من أمر وقدر نثر حبك في قلوب القاصي قبل الداني... فهنيئاً لك يا والدي... عشت شامخاً بحب الله ورسوله... وفارقتنا شهيداً ناصراً لكتابه وسنة نبيه صلوات وسلام ربي عليه.
والدي الحبيب... في موسم حج هذا العام الذي فارقتنا فيه 1431 هـ نادى أحد محبيك (لبيك اللهم حجة عن روحك الفاضلة)... فلن يباريني في محبتي لك... فأشهد ياربي (لبيك صوم كل خميس ما حييت بتوفيقك وعونك، عن روح والدي محمد عبده يماني) فتقبلها مني... فأي خاتمة يتمناها المرء، والكثيرين يغبطونك على مسيرتك العامرة المتجددة والمتطورة بتطور العصور... وبصماتك تعلو في كل خطوة متكئ على عصاك... واثقاً بنصر الله وعونه لك... لثقتك بنيتك الصافية التي بداخلك...والدي العزيز... رحمك الله رحمة الأبرار... وأفرحك بما يسرك... كما أدخلت الفرح والسرور على عباده من وفقك الله لهم... بأن خصك في أن تقضى حوائجهم على يدك الواثقة بما عند الله أبقى وأدوم... فلم تعتاد يمناي القاصرة المتواضعة أن تخط لك في أمر، وأنا أعلم بأنك لن تستلمها في اليوم التالي بيمناك المباركة، بعد سحبها عند حرصي على تقبيلها... وكم كنت أسعد بشعوري ببرد بطن كف يمناك عند تمكني من تقبيلها تقبيلة المحب المقر والمعترف بفضل الله عليه بأن سخر لي من يكون بمكانة والدي تعويضاً لي عن بعد والدي عني لتغربه، كم كان يصلني حبك عندما تحتضني بابتسامتك الحانية، وقراءتك المتأنية لطلبي، وصولاً بشرحك بقلمك الأخضر حباً منك للقبة الخضراء وعلى ساكنها أفضل الصلاة والسلام... وحرصاً منك لتفريج كربتي... وكم من كربة فرجتها عني... بمالك... ونصحك... وتوجيهك... وتقويمك..
والدي الغالي... آمنا بالله ولم نره سبحانه... وصدقنا برسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه ولم نعايشه ونحن أهل بيته، ولكن تعلمنا بك ومنك وعلمنا حبه وأهل بيته بسيرته من اتخذتها منهاجاً لك في تعاملك لذا كنت حينها ودوماً تاجاً يزين رؤوسنا لما اقتبسته من خلق وسيرة ونهج أفضل الخلق عليه صلوات الله وسلامة، جعل الله ما قدمت في ميزان حسناتك...
(فشرفنا بانتسابنا لخير خلقه... أكرمنا المولى بأن نكون أهلاً لها رغم تقصيرنا...) أسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يكرمنا ببركة رسوله العزيز عليه سبحانه، الحريص الرءوف الرحيم علينا، وببركة أمنا خديجة، وسيدتنا البتول فاطمة الزهراء، وسيدنا علي رضوان الله عليهم أجمعين وآل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه، وأولياء الله الصالحين بأن يظلونا برعايتهم وشفاعتهم لنا ومن أحبنا وأحببناهم لله وفي).
إبنك المحب المشتاق لك أبداً ما حييت،،، الشريف نايف بن محمود العنقاوي الهاشمي الحسني المكي