د . خيرية إبراهيم السقاف - رحمك الله محمد عبده يماني
من الذين توقفت عند خبر موته..، ليس لأنه عصي على الموت فالإنس والجن يموتون ولا يبقى إلا وجه الله تعالى ,.. غير أنني استرجعت الرجل الطيب سيرةً وعملاً، أكاديمياً وقيادياً،.. وفي أدواره جميعھا ... الرجل الطيب دمث الخلق سامي الصفات، نبيل الموقف .. من يعطي الناس أقدارھا، ويقف للحق أبيضَ...لا يتلجلج في أنملة ولو على نفسه .. أخي العزيز معالي الدكتور محمد عبده يماني، .. في ذاكرتي عنه أشياء جميلة، ما تعلق منھا بكتابة المرأة، أو فرص عملھا في جهازي التلفاز والإذاعة، فمن عملت في تلك الفترة معه حين ترؤسه مقعد وزارتها، تعطيه من الشھادة دعمه، حين كان للمرأة أن تثبت حضورھا إعداداً وتقديماً ومثولاً، .. وبالمثل حيث تستقر كلمتھا وإن جاءت في أذنه لا أتذكر أنه صد أو تراجع عن الإجابة..، في حين ما كان ليعني أحد ممن تعامل معه، سوى أن يجد الموقف..، ويكون ھو رجل الموقف ... وكان محمد عبده يماني مضطلعاً بالدور، أميناً على القول والتوقيع..، خاض مثل كل الخائضين تيارات التطوير، وأخذ بأزمة قناعاته، وفي كلها ھو الرجل المؤمن الصبور، الدمث الھادئ الوقور،... ويبقى لمن احتك به مباشرة أن يقول، ولا أحسب أن ما سيقوله فيه غير الذي بلغنا، وتركه في الذاكرة ... محمد عبده يماني، الوزير والمدير والإعلامي ورجل الأعمال والكاتب ھو محب للخير فعال في مساربه ومساراته، يشد خطام إبله حيث ينيخھا عند بوابات العطاء فيه صامتاً، ساعياً في ركابه..، وھو محب كبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حبھ لله تعالى، من الذين يدعون لتربية الصغار وناشئة المسلمين على محبة ھذا الرسول العظيم والاقتداء به قولاً وفعلاً، عليه أفضل الصلاة والسلام، فأورثته ھذه المحبة، وورَّث عنھا الصفاء وطھر القلب .. موته مؤلم، وفقده أشد إيلاماً، وغيابه ذو فراغ.. لكنها سنة الله في خلقه و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} عزائي لزوجه العزيزة مريم كامل وأسرته، ولعبدالله ابنه العزيز وإخوته وأخواته، ولأخي العزيز معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام، ولكل محبيه وأصدقائه..فمحمد عبده يماني صفحة مشرقة في تاريخ الوطن لن تغلق أبداً .. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْه رَاجِعونَ} والحمد لله رب العالمين .

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".