محمد صلاح الدين - في رثاء راحل كريم
قلّ مَن لا يعرف فقيدنا العزيز الدكتور محمد عبده يماني -يرحمه الله- أو يسمع عنه، كان الفقيد الكبير ملء السمع والبصر، رمزًا للعطاء والمحبة، ومفتاحًًا للخير والبر، وداعيًا للرحمة والبذل، ومقصدًا لذوي الحاجات وأصحاب المظالم، وملاذًا لكل منكوب ومكروب، يفعل كل ذلك آناء الليل وأطراف النهار، بنفس رضية، وبسمة كريمة، واهتمام صادق لا اصطناع فيه ولا تكلّف، يبتغي دومًا وجه الله، والدار الآخرة.
* * *طوال حياته الوظيفية من الجامعة أستاذًا ومديرًا، إلى الوزارة وزيرًا للإعلام، كانت حياة الفقيد سجلاً حافلاً للخدمة العامة بعضويته، ورئاسته للكثير من جمعيات البر، وهيئات الإغاثة، وسعيه الحثيث للإصلاح بين الناس، تلجأ إلى مكتبه، ومنزله، الأرملة والمسكينة، وكل ذي مظلمة أو حاجة.
أمّا في المجال الإعلامي والثقافي، فما من صحفي، أو كاتب إلاّ شمله فضله، وتشجيعه، وحمايته، والدفاع عنه، والاعتذار عنه، والنصح له، يفعل كل ذلك في صمت ومحبة وتقدير، دون منّة أو أذى، كان محمد عبده يماني أبًا وأخًا وزميلاً للجميع، يشهد بفضله وإخلاصه حتّى الذين اختلفوا معه، وهم أقل من القليل.
* * *وكما كان الفقيد الكريم بعد الوزارة، ألصق بالناس، وأحب إليهم ممّا كان في الوزارة، وأكثر انشغالاً بالشأن العام، فإن الفجيعة في شخصه الكريم، أظهرت من حب الناس له، وتعلّقهم به، وامتنانهم لأفضاله وعونه الشيء الكثير، وقليل أولئك الذين راح الناس يعزّون بعضهم البعض في وفاتهم، وقليل أولئك الذين تسمع بعد وفاتهم دعاءً غامرًا من الناس، وذكرًا طيبًا، وترحمًا متواصلاً، حتى من الذين لم تقدر لهم معرفة الفقيد، أو الصلة به، وإنّما يسمعون عن سيرته العطرة، ومحبته للناس، وخدمته للجميع.رحمك الله يا أبا ياسر رحمة غامرة، وجزاك أحسن الجزاء، لكل ما قدمت لبلدك، وأهلك، وأمتك من غيرة، ومحبة، وجهاد، وعطاء، وبذل، وأدخلك سبحانه برحمته في الصالحين.