خالد سيف - نبض المجتمع المكي توقف
محمد عبده يماني رجل دولة، ومفكر سخر قلمه وعلمه في الذود عن قضايا الأمة .. رمز من رموز العمل الإنساني، برزت جهوده في خدمة الدين والوطن .. عاش جل حياته يعمل بكل إخلاص، رجل عشق العطاء بسخاء .. تربع على صيت وافر من العلم والمعرفة. رائد من رواد المسؤولية الاجتماعية .. تخرج على يده جيل سجل حضوره في ميادين مختلفه منذ أن كان أستاذا أكاديميا، ومديرا لجامعة الملك عبد العزيز حتى عين وزيرا للإعلام.. له بصمة واضحة على تاريخ التعليم في المملكة منذ أكثر م40 عاما. مآثر كثيرة خلفها، وسجايا عديدة لا يمكن حصرها، وعزاؤنا فيما ترك من ذكر عاطر وتاريخ مجيد مرصع بذكر الله، وسيرة النبي المصطفى. خفض جناحه بوفاء لوالديه، وتذلل لهما ببر لم ينضب .. خيمت أحزان رحيله على مجتمع مكة .. شخصية تمتلك ملكة حانية في جمع شتات القلوب، ونبذ الخلافات وإصلاح ذات البين.تهون على الناس وقع المصائب مهما عظمت إذا ما تذكروا محاسن موتاهم، فلقد امتدت أياديه البيضاء إلى خارج حدود الوطن، وكان ــ رحمه الله ــ يتجول في العديد من الدول الاسلامية؛ ليستقصي أحوال المجتمعات المسلمة الفقيرة، ويدعم احتياجاتها بتعمير المساجد وبناء المدارس ودور المحتاجين. الكلمة الطيبة مفردة بعشقها لسانه، والابتسامة لا تفارق محياه، كان يبلغ الحاجة لمن لاتصل الحاجة إليه، وكان حريصا على إحقاق الحق. كرس سنونه الأخيره في مساعدة الشباب بحثهم على عمل الخير وتفريج كربهم .. نافح في كل مكان عبر مجالسه الزكية وعبر القنوات الفضائية المختلفة. ترك الفقيد خلفه العديد من المؤلفات القيمة، من بينها كتابان تكفيه عزا، ونرجو الله أن تكون في موازين حسناته، الأول «علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم»، والثاني «علموا أولادكم محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم» .. عدا كتبه الأخرى في سيدتنا الزهراء ــ رضي الله عنها، وأمنا عائشة الطاهرة ــ رضي الله عنها، وأصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم، عليهم رضوان من الله العزيز ليرحم الله فقيدنا، ويتجاوز عن سيئاته ويضاعف له الحسنات.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".