خالد قماش - يماني .. الفقيد الرمز
بحضوره المكلل بالوداعة، ورحيله الھادئ، انطفأ كشمعة وطن، محفوفا بالحب .. مملوءا بالنقاء المكي، والبياض الحجازي. عاش الأديب الراحل محمد عبده يماني متنقلا بين العمل الحكومي والعمل التطوعي والإنساني، وكان مثالا رائعا للعمل الخيري، ونموذجا حيا يجسد أصول التكافل الاجتماعي الحقيقي. وما أن سمعت بنبأ وفاته رحمه الله من أحد الأصدقاء حتى أنھالت الاتصالات من بعض الأصدقاء وكان كل شخص يذكر لي موقفا إنسانيا أو خيريا تحقق عن طريق الدكتور محمد عبده يماني متبوعا بدعوات المغفرة والرحمة لرجل كان له الأثر الكبير على مستوى الروح الإسلامية المعتدلة. كان الراحل يتحدث في أحد لقاءاته عن محطات الفشل التي يمر بھا أي مبدع أو رجل قرار والتي بدأت معه منذ مراحل الدراسة الأولى فيقول: (فشلت في الحصول على بعثة للدراسة في الخارج، وواصلت تعليمي في جامعة الملك سعود)؛ ليصبح فيما بعد من أھم أساتذة الجامعة. ويتحدث اليماني عن فشله في تغيير سلوك بعض المسؤولين مثل الدكتور عبدالعزيز الخويطر وزير المعارف السعودي السابق، الذي كان يعتبره رجلا نظاميا، يحترم القوانين ويطبقھا، عكس الدكتور غازي القصيبي الذي كان يقدم المصلحة العامة على النظام .. على حد تعبير فقيد الوطن يماني. جاھد كثيرا أثناء توليه وزارة الإعلام منذ عام 1395 هـ حتى عام 1403 هـ للحد من الرقابة على الكتاب، متنفس المثقفين والأدباء، حتى أنه رفع الرقابة مبدئيا على الكتب والمطبوعات التي تصل كبار المثقفين والمھتمين ورؤساء تحرير الصحف آنذاك . ولسنا في صدد مآثر ومناقب ھذا الرجل الذي تشھد له منجزاته على الصعيد الوطني والإنساني، فھي أكبر من أن تحصى .. ويكفي.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".