مريم عبد الله محمد عبده يماني - من نعزي فيك
سيدو الغالي.. أكتب إليك رسالتي بالقلم الأخضر المفضل لديك، والذي أنا موقنة تماما أنه الآن يشفع لك، فكم استخدمته لتدافع عن
مظلوم، وتطلب حق محروم، وتكتب عن مواضيع لرفعة ھذه الأمة .
بالأمس، مر أسبوع على يوم وفاتك، سامحني لأني لم أكتب إليك مبكرا، ولكن كان من الصعب علي أن أبدأ في كتابة رسالة إليك،
ولأول مرة لا يمكنني أن أھديك إياھا بنفسي .
أثرت على كل من حولك من خلال خلقك الحسن، الصادق، وابتسامتك الدافئة التي كانت تشعر الجميع بأنك أبوھم.
،« أبونا مات » سيدو حبيبي، فوجئت بالكم الھائل من المعزين الذين بدا على وجوھھم وكأنھم فقدوا أبا لھم، حتى أن الكثير منھم قالوا
لدرجة أنني احترت من لا أعزيھ فيك، وأحسست بحرج أن ننفرد بتعزيتنا فيك نحن فقط، وكأنك العائل لكل من أدخلك ،« ھذا أبونا كلنا »
في حياته. تعلمت منك الكثير في حياتك، ولعل أھم ما تعلمتھ منك ھو صفة الرحمة، فلطالما كانت الرحمة ظاھرة في جميع تصرفاتك،
حتى أنك كنت ترحم الطيور وتحسب حساب أكلھا وشربھا، كما ھو حالك في شؤون الخلق. كما أنني تعلمت منك الحفاظ على النعم
وشكرھا، لأنھا قليلا ما خرجت من بيت ثم عادت إليه.
سيدو.. اشتقت إلى إنصاتك إلي وأنت تنظر إلي نظرة الجد الفخور، اشتقت إلى خفة دمك وتعليقاتك التلقائية، العفوية. إذا أردت الكتابة
عن كل شيء تعلمته منك فلن تكفيني كتابة مجلد كامل، فلقد كنت مثالا حيا للشخصية المؤثرة.
سمعتھم صامتة ،« مسكينة ما لحقت توصل طيارتها عشان تودع سيدھا قبل ما يندفن » سيدو.. كان المعزون ينظرون إلي ويتمتمون
وأنا أقول في نفسي إنني لم أعترف بالوداع من قبل، ولن أعترف به لأنني متأكدة أن لقاءنا بإذن الله في جنة الفردوس الأعلى، مع
من علمتنا حبه وحب آل بيته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. رحلت، يا سيدو، ولم تعد بيننا، ولكن ستبقى ذكراك حية فينا.
رحلت.. ولكن تركت خلفك من ھو جدير بتحمل وإكمال مسيرة ما قدمته من أعمال وأفعال خالدة.
سيدو عبده.. أوعدك أنك إن شاء الله لن تسمع منا إلا ما يسرك، ويبيض وجهك، فالطيب ما يزرع إلا طيبا. أسأل الله عز وجل أن
يرحمك بواسع رحمته، وأن يبعثك شھيدا ملبيا يا سيد الناس.
أخيرا، أرسل رسالتي إليك مع الحمام الذي يشبھك بسلام روحه، وأنا موقنة أنھا ستصلك لأن الحمام سيكون وفيا لك كما كنت وفيا له.