عبدالوهاب إبراهيم أبوسليمان -محمد عبده يماني صفحات أكاديمية مطوية 1392 ـــ 1395 5/1 إداري حكيم وأكاديمي ناجح
إن عشت تفجع بالأحبة بعدهم وفناء نفسك لا أبا لك أفجع انتقل معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني إلى رحمة الله أوائل الأيام العشر المباركة من شهر ذي الحجة، وبالتحديد مساء يوم الاثنين الثاني من شهر ذي الحجة، عام 1431هـ، الموافق الثامن من نوفمبر، عام 2010م، وصلى عليه جماعة المسجد الحرام بعد صلاة فريضة الظهر من يوم الثلاثاء 3/12/1431هـ، ودفن بالمعلاة، شطر مقبرة السيدة خديجة رضي الله عنها الزوج الأثيرة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، وبالأحرى كما آثر وصفها فقيدنا العزيز (سيدة في قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم). وعاد الطائر في الآفاق إلى سربه ومسقط رأسه، محمولا على الأكتاف، بل حملته القلوب إلى رحاب الرحمة والرضوان، كان صدى وفاته من الحزن عظيما، عبر محبوه، وعارفو فضله من كافة فئات المجتمع عن مشاعرهم، امتلأت أعمدة الصحف بأقلام رفيعة، نثرا فاض شؤونا وشجونا، أدمع المحاجر، وشعرا أدمى القلوب ببيانه، ومعناه، الكل ينعاه بما أوتي من قدرة على التعبير عن مشاعره، وثمة فريق من المحبين المعجبين من احتبست لديه العبارات فجمد عن الكتابة قلمه، وآخرون لم تواته الكتابة والتعبير عن أحزانه هم الأكثر من كانت تمتد إليهم يداه في الخفاء. بكاه الجميع بدموع ساخنة، وألم موجعٍ لم يبق لكاتب أن يضيف لما سطر ودون عن دوره الإنساني، وروابطه الاجتماعية، ومهارته الكتابية والفكرية، وشجاعته الأدبية. هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم قد سبقوا إلى التأبين فلم يدعوا قولا لقائل، وصدق الأثر (ألسنة الخلق أقلام الحق)، من عناوين كتاباتهم تنتظم فرائد عقود الجمان. التظاهرة المحزنة لم تعهد هذه التظاهرة المحزنة بهذا الكم والكيف في تاريخ صحافتنا حسب المشاهدة والتتبع إلا في عدد من الشخصيات السعودية لا يتجاوزن عدد أصابع اليد، يأتي في مقدمتهم، معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير التعليم العالي الأسبق، ومعالي الدكتور محمد عبده يماني رحم الله الجميع. كلاهما له شبه بالآخر، تولى مرافق عديدة، ومناصب حساسة، لها علاقة بمصالح المجتمع فكان محل الحب والثناء، الجوانب المشتركة بينهما عديدة من أهمها قضاء حوائج الناس بحب ورحابة صدر: وأفضل الناس في هذه رجل تقضى على يده للناس حاجات كلاهما كان بارا ببلده، مخلصا لأمته، محبا لمواطنيه بصرف النظر عن أي اعتبار آخر إلا اعتبار الإنصاف والعدل، والمساواة، والمواطنة، والكفاءة. نحن اليوم أمام شخصية عزيزة فقدناها، لها مآثرها، وآثارها التي لا تنسى، اختطفتها يد المنون، عد الكاتبون بوفاء وصدق مشاعرهم الجياشة وعواطفهم الصادقة نحو معاليه، غير أن ثمة جوانب لمسها ولامسها من شرف بصحبته في أعماله الرسمية التي تقلب فيها، والتجارب الحية التي عاشها معه، إضافة إلى تلك الكتابات الرفيعة، الوفية. فترة معينة الحديث هنا عن فترة معينة، حياته الأكاديمية وكيلا، ومديرا لجامعة الملك عبد العزيز (1392-1395هـ) عاشها الكثير من الأكاديميين الذين قدر لهم العمل معه بدءا من عام 1392هـ، يقضي الإنصاف ذكرها والتذكير بها؛ لتكتمل الصورة تماما عن شخصيته ــ رحمه الله ــ إداريا حكيما، وأكاديميا جادا، قاد المسيرة إلى درجات الرقي والنهوض، وهو ما تحاول هذه السلسلة من المقالات أن تقدم بعضها بإيجاز.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".