ھاشم الجحدلي - في وداع محب الحبيب
بينما يقذف البعد عن مجد الكراسي والمناصب كثيرا من المسؤولين السابقين إلى مجاھل النسيان وأدغال الغياب، اشتعل الوجيه والإنسان والوزير السابق الدكتور محمد عبده يماني توھجا وحضورا وشفاعة للخير وفي الخير، فلا يمكن لمجلس عزاء لشخص يعرفه ولو من بعيد أن يغيب عنه، ولا يمكن لمناسبة اجتماعية إلا أن يشارك فيھا، ولا يمكن لدعوة ممن كان إلا أن يلبيھا، ولا يمكن لسبيل من الخير إلا وأن يساھم فيه ماديا أو معنويا. لم أعرفه من قرب بما يكفي، ولكن صوته لا يمكن أن يغيب عن ذاكرتي وأنا أنتظر منه مقالا أو أحمل له ردا على مقال. في الأسبوع الأخير، شاءت الصدف أن أسمع صوته أكثر من مرة، وكان الوعد الأجمل منه الكتابة أسبوعيا، وكانت مقالته عن كاتبنا عبد الله أبو السمح أول الغيث وآخره. عندما أستعيد صوته الآن، أستعيد نبرته المكية المعتقة بالحضور البھي والصدق مع النفس والتعامل الأخاذ مع الجميع، محاولا أن يكون جسرا للحب وللحب فقط. ولھذا كان مشروعه الأقرب إلى نفسه تكريس محبة رسول الله في قلوب الأطفال قبل الكبار، وسعى لذلك بكل ما يستطيع، معتبرا مقالته السنوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومولده موعدا ثابتا لا يمكن أن يغيب عنه أو يغفل عن متابعته. رحم الله المحب، ومكرس محبة الحبيب، وألھم كل من يحبه الصبر والسلوان وتحمل لوعة الغياب ومرارة الفقدان.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".