سمير أحمد برقة - الدكتور محمد عبده يماني الحضور الفكري والإجتماعي المميز
إن الكتابة عن الأشخاص فيه من الصعوبة بمكان لا سيما إذا كنت هذه الشخصية ذات حضور مميز إجتماعيا وفكريا وأدبيا وعلميا مثل الدكتور محمد عبده يماني الشخصية البارزة في المجتمع وعلم من أعلام العصر وركن من أركان الإصلاح الإجتماعي. لذلك لا يهمنا أن نؤرخ له بقدر ما يهمنا أن نسلط الضوء على حضوره المميز في الميادين العامة. والدكتور يماني تجلى حضوره في المراكز والمحافل الإجتماعية والمنتديات الأدبية والمجالس العلمية واللقاءات الثقافية والكتابات الصحفية والمشاركات الإجتماعية وسعيه الدءوب على التأليف والبحث والدراسة. كما امتاز ــ حفظه الله ــ بتفوقه على أقرانه بمميزات فكرية وعلمية واسعة فهو قوى الحافظة نفاذ الهمة متابع جيد للأحداث مشارك للأفراح والأحزان يمسح دمعة اليتيم ويساعد الأرملة والمسكين ويسعى في قضاء حوائج الناس ويشفع لهم ويمشى لأجلهم ويكرم عالمهم ويوقر كنيرهم ويتأدب في مجالسهم محبا صادقا لآل بيت رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين لذلك ألف الكتب الرائعة والتي زانت بها المكتبات و اعتمرت بها القلوب بطيب ذكراها فهو يكتب: • “إن ربك يسارع في هواك “• “تأدبوا مع رسول الله “• “تذوقوا محبته “• “الاحتفاء بالذكريات رباط الأمة بتاريخها “• “الاحتفاء به من ضرورات العصر “• “علموا أولادكم محبة رسول الله “• “علموا أولادكم محبة أصحابه “• “إنها فاطمة الزهراء “• “إنها خديجة الكبرى “• “بأبي أنت وأمي يا رسول الله “• وغير ذلك من كتب متعددة ومقالات متنوعة... أبحاث ومقالات ومقتطفات إيمانية تسلو القلب وتريح النفس وتذهب العناء. ومن الملاحظ أنه حينما يكتب فانه يكتب بعاطفة عقلانية وحب صادق وثقافة إسلامية واضحة وفهم عميق وغوص على الدقائق وسعى للحقائق بحب صادق ونبع متدفق ونهر منهمر فهو يملك من القدرات الذهنية ما تمكنه من النظر للأمور بعين ثاقبة ونظرة فاحصة وصدق في قول وسعى لخير. لعل لنشأته الإسلامية الصالحة لوالد كريم استقى منه التواضع والخلق الحسن والسمت الواضح والحب الصادق مما أغرى وأضفى على ثقافته الأدب والعلم والحضور المميز.فهو ابن من أبناء مكة البررة التي يرتحل إليها الوافدون ومن معين علمها يستقون ومن علمائها يتلقون وفى ساحة حرمها يتأدبون لأنها ملتقى الحضارات والثقافات فهي قبلة المسلمين فمنها ولد وتربى وتعلم واليها يحن وبأهلها يتصل ومنها اخذ بلاغة الأسلوب وإشراقة الديباج وحبه لقضاء حوائج الناس. ويعود للدكتور يماني الفضل الجزيل والعطاء الواضح في تحديد مسار الإعلام السعودي ولا سيما حينما تقلده وساهم في نفع الناس بقدر إستطاعته فهو من الشخصيات المحبوبة لدى ولاة الأمر أو لدى أوساط الناس لما يتمتع به من شخصية إصلاحية نافذة لملاحة. والحديث عن الدكتور يطرب النفس لا سيما لمن يسبح في أفكاره ويتعلق بكتبه ويتأدب بأدبه فهو مرآة صادقة لقلائل من الرجال الذين تشرفت الوزارة بهم ولم يتشرف بالوزارة فحينما تركها لم ينزوي ولم يختفي ولم ينقطع خيره بل اكتسب ظهورا وحضورا مميزا واضحا في المحافل والمناسبات وغيرهما. ويحتل الدكتور محمد عبده منزلة عالية في المجتمع الذي أحبهم فأحبوه وناصرهم فناصروه فتراه في الجامعة محاضرا يثير في طلابه دوافع البحث ويربى الملكات ويحفز الهمم ويشحذ العزائم واستمر على ذلك في حياته ولازلت أتذكر ما قاله في حفل تكريم العالم الداعية أحمد ديدات في مجلس علامة الحجاز وفخرها العلامة الدكتور السيد محمد علوي مالكي الحسنى (رحمه الله) مطالبا حفظه الله طلاب العلم التخصص في علم المناظرة والإستفادة من علم الشيخ ديدات فنا وحوارا وقوة وحجة من خلال الإطلاع على كتب النصارى ومقارنتها والتمكن منها وذلك للرد عليها بالمناظرة العلمية فهو يدعو إلى تكوين مجموعة من طلاب العلم الشريف إن يتجهوا إلى هذا العلم الذي كاد إن ينقرض رجاله. كما لم يقتصر الدكتور يماني على الاستلهام من المفكرين والمصلحين بل جالسهم واخذ من علمهم ولعل محبته للعلماء ولا سيما علماء البلد الحرام أثرت في تكوينه العلمي والثقافي فكم من مرة رأيناه في مجالس العلماء وكم من مرة رأيناه آخذ بزمام محبتهم فهاهو يتردد على العالم الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوى (رحمه الله) ويكرمه وها هو يجالس فضيلة العالم المحدث الدكتورالسيد محمد علوي مالكي الحسنى (رحمه الله) وهاهو يجالس علماء الأمة الإسلامية من خلال حضوره لاجتماعات رابطة العالم الاسلامى والمؤتمرات الإسلامية الأخرى بجانب مشاركاته في المناسبات الدينية والإحتفالات المباركة الأخرى ولا سيما مجلس السابع عشر من رمضان من كل عام. إن الحديث عن الدكتور محمد عبده يماني حديث لا يمل وشوق لاينتهى فهو وافر النشاط في الحياة الإجتماعية مشجع للجمعيات الخيرية والعلمية والإجتماعية فهو مشرف على بعض منها كثير الترحال لبلاد الإسلام ودول الأقليات المسلمة داعيا وموجها وناصحا وبصماته واضحة جليلة بمشاركات قل وجودها في الوقت الحاضر. أما شهرته العلمية والإجتماعية فقد طبقت الآفاق فصارت محافل الأدباء والعلماء والباحثين تسعى لدعوته للإستماع لبحوثه وأرائه وأفكاره الهادئة الرصينة الواعية في العلم والدين والأدب والفكر والإجتماع والإصلاح بل والكون. إن شخصية اليماني ــ متعه الله بالصحة والعافية ـــ شخصية رحبة الآفاق مرحة الحديث متعددة المواهب بفكر نير وعطاء خصب وجهود موفقة أثرى الساحة بآثاره الفكرية والإجتماعية فحرك السواكن وحفز الهمم ودفع إلى التجديد وكان ولا يزال مؤلفاته معين لا ينضب بإسلاميات ذات إنتاج علمي وادبى راقي يشهد له بالريادة والتفوق في كل المجالات. ونستحث المحبين والمولعين بفكره وحضوره المميز إلى تكريمه والإحتفاء به ــ أسوة بما فعله السيد عباس علوي مالكي الحسنىفي مجلسه الاسبوعى العامر ـــ عرفانا لما قدم وجزيلا لما أعطى وتقديرا لما وفى. كما نطالبه ونتمنى عليه إخراج الموسوعات في الأدب النبوي وأدب آل بيته وأصحابه لكي ينتفع بها القاصى والداني والكبير والصغير والعالم والمتعلم ونظن إن الإمكانيات متاحة له لإخراج عمل كهذا.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".