سعد عطية الغامدي - ورحل طائر الحب والتواصل
لا يكاد يفارق ناظريك في مقال يكتبه أو تعليق يدلي به أو احتفال يشارك فيه أو اتصال هاتفي يذكي من خلاله عاطفة الحب والتواصل الجميل. لم يكن يتوقف عن الدعوة إلى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى تعليم ذلك للأولاد والأهلين، وكأنما هي وظيفته التي أوكل إليه القيام بها، فكانت شغله الشاغل. لم يكن يتوانى عن متابعة أحوال المحتاجين والفقراء والمساكين والشفاعة في أمور من لا يقف إلى جانبهم أحد ولا يسأل عنهم أحد، وكأن هذا هو عمله الذي لا يصرفه عنه صارف. تجده في ميادين الخير وفي لقاءات البر وفي مناسبات الواجبات، التي لا يكاد يغيب عنها إلا لظرف قاهر، فتغبط فيه هذه القدرة الهائلة على ذلك كله، لكنه الحب الكبير الذي عرف به وعرف عنه لتواصل يقوم به المجتمع القوي. إنه النموذج الجميل للمسلم البار الودود المتودد، في ابتسامته وفي بشاشته وفي دماثة أخلاقه وحسن عبارته، ولم يكن يغفل عن ذلك كله في كل نشاط يسهم فيه أو يطل منه، وكأنما خلقه الله لكل تلك الأعمال، وليس لواحد منها فقط. وكما شغل نفسه كثيرا بحب رسول الله وبالدعوة إلى حب رسول الله، مارس ذلك في تواصل لا ينقطع، وكما عاش واسع الانتشار فقد غدا رمزا مجتمعيا لا يغيب عن البال ولا عن النظر، وحين اختاره الله إليه كان أيضا ملء السمع والبصر والوجدان، لأنه الفراق الصعب الذي لم يعط لمن أحبوه فرصة القيام بواجب الزيارة ولا حتى السؤال، وإني أسأل الله عز وجل أن يكون ممن نحسبه بيننا من الشهداء. رحم الله الفقيد محمد عبده يماني رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى ومتعه سبحانه بلقاء من أحبه ودعا إلى حبه طوال حياته: محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".