شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

متى نؤمن بأن بناء  الوطن قضية مشتركة ، وأن دور الذين يقبعون في القاعدة هو نفس دور اهل القمة سواء بسواء الأمانة واحدة والمسؤولية مشتركة وليس ضروريا ان ينتظر الموظف في الوزارة حتى يصبح وزيرا ليكون اكثر انتاجا ، لا نستطيع ان ننتظر حتى نصبح كلنا وزراء او مديرين او رؤساء لكي نكون افضل انتاجا .

 للعقلاء فقط

ان نظرة موضوعية الى جامعاتنا تجعلنا نحس انه من الخطأ ان تصبح صورة واحدة من بعضها البعض ولابد ان تكون لدينا الجرأة لاعادة صياغة التعليم الجامعي وتوجيههه بحيث يخدم المجتمع الذي يعيش فيه فهو يقذف بآلاف الشباب والشابات الى المجتمع دون تأهيل يواكب متطلبات سوق العمل ، وتؤدي بعض برامجها الى تعطيل عمليات التنمية واهدار للطاقة البشرية وخلق مشاكل نفسية واجتماعية للطلاب .

 السعودة وجها لوجه

انها السيدة الجليلة فاطمة الزهراء ، البضعة  الطاهرة ، الابنة البارة ، والمجاهدة الصابرة ، انها فاطمة البتول ، من ذا يضاهي في الفخار والنسب الطاهر أباها صلى الله عليه وسلم او أمها خديجة الطبرى رضي الله تعالي عنها ، انها فاطمة الزهراء ، الأصل العريق ، وسلالة العترة النبوية الكريمة ، انها ام ابيها ، كل ما فيها يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت احب الناس الى قلبه صلى الله عليه وسلم وكلهم احباب لديه.

 إنها فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها

قراءة في كتاب “علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم”

قراءة في كتاب “علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم”
 الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي


“علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم” مؤلفه هو الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق في المملكة العربية السعودية والأستاذ الجامعي المعروف والمتفرغ حاليا للعمل الثقافي الإسلامي والخيري الذي يتجاوز نفعه وإشعاعه مهبط الوحي إلى كل أنحاء العالم الإسلامي وحيثما يوجد المسلمون. والدكتور محمد عبده يماني عضو فاعل ورئيس لعديد الهيئات الخيرية فضلا عن انضمامه منذ سنوات إلى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وللدكتور محمد عبده يماني مشاركات متواصلة فيما بعقد من ندوات ومؤتمرات وفيما يطرح على أعمدة الصحف والمجلات من قضايا فكرية وعلمية دينية بالخصوص.

 

الذي استوقفني وشد انتباهي في هذا الكتاب عند سماعي بصدوره وعندما وجدته معروضا في المكتبات هو هذا العنوان الذكي الذي اختاره المؤلف لكتابه الذي نشر في حجمين احدهما صغير يسعه جيب القارئ والآخر عادي. فقد تعددت التآليف في السيرة المحمدية على مر القرون حتى نكاد نعجز عن حصرها واستقصائها، إذ تتشابه أكثريتها إلى حد التطابق في العنوان والمضمون وتميز البعض الآخر بحسب ما أراد المؤلف أن يركز عليه ويشد إليه الاهتمام.

 

ولا تزال السيرة المحمدية تمثل معينا لا ينضب للكاتبين والشعراء الملهمين وما ذلك إلا لعظمة هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الذي جعله الله حجة على عباده واصطفاه واختاره ليكون خاتما لأنبيائه ورسله وجعله رحمة للعالمين وبالمؤمنين رؤوفا رحيما ولأجل ذلك جمع فيه وله كل الكمالات البشرية وأدبه فأحسن تأديبه وقال في حقه ما لم يقله في بشر ممن خلق واصطفى (وانك لعلى خلق عظيم).ومن عنوان الكتاب يمكن للقارئ أن ينتبه إلى ما أراد المؤلف شكر الله له وأمد في أنفاسه. أن يؤكد عليه ويلح فيه باعتباره الصميم واللب، وباعتباره مصدر النجاة والفلاح، وباعتباره الخصوصية التي يتميز بها الأنبياء والرسل والأديان وتبدو جلية واضحة في سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام والدين الذي جاء به من عند الله سبحانه وتعالى.

 

هذه الخاصية والخصوصية التي تبدو جلية واضحة بينة في كل ما قال وما فعل وما سار به في الناس وسادهم به وتمكن من قلوبهم عبر الزمان والمكان هذا الحب الذي هو دين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وديدنه فمن منطلق الحب لله وللناس: الأقارب، والأباعد، الصغار والكبار الذكور والإناث، الضعاف والأقوياء، من منطلق الحب والحب فقط، الحب في الله ولله، الحب الخالص الذي لا تشوبه شائبة دعا عليه الصلاة والسلام الناس أجمعين إلى سلوك الصراط المستقيم، وعبادة رب العالمين، دعاهم سرا وعلانية، دعاهم ليلا ونهارا متحملا أذاهم صابرا ومحتسبا كل ما حل به وتسلط عليه لا يزيد عن أن يقول بإصرار وثبات: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، رافضا بعزة وشمم كل المغريات والعروض التي حاول أصحابها أن يثنوه بها عن مواصلة السير الحثيث في ما خط له ربه وسطر: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، لقد ظنوا أنهم بالملك أو بالمال أو النساء الجميلات وكل ذلك مما يسيل له لعاب عموم الناس ولا يستطيعون الثبات أمامه ظنوا أنه عليه الصلاة والسلام لن يشذ عن القاعدة فخيب أملهم وبرهن لهم أنه نسيج وحده وأنه وإن كان بشرا يمشي في الأسواق ويأكل الطعام إلا أنه يجسم في حيز الواقع والتطبيق العملي كل الكمالات التي حلم بها الفلاسفة ودعا إليها المصلحون. وحتى عندما أعرض عن الهدي الذي جاء به من عند الله من أعرض وكفر به من كفر لم يزد عليه الصلاة والسلام عن أن يدعو ربه لهم بالهداية قائلا (اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون).

 

جوانب الكمال الإنساني بدت في أجلى صورها واصدق معانيها هي التي أراد الدكتور محمد عبده يماني في كتابه: “علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم” أن يسلط عليها الأضواء ويقربها من الناس، وبالخصوص من الآباء والأمهات حتى يلقنوها -وتلك مسؤولية ينبغي عليهم أن يتحملوها على أتم الوجوه وأكملها- نحو أبنائهم وبناتهم من منطلق الحب له وحب الخير لهم. وهذه المهمة إذا قام بها الآباء بذكاء وفطنة نحو أبنائهم في تلك السن المبكرة فترسخ في أذهانهم وقلوبهم ومن نشا كذلك وعلى هذه الشاكلة وبهذا التعهد فسيظل ما بقي حيا بذلك التعلق والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مأمن وهو مأمن يتجاوز هذه الدار الدنيا إلى الدار الآخرة ذلك أن من أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبع محجته ولن يحرم شفاعته عليه الصلاة والسلام.في الإهداء يقول الدكتور محمد عبده يماني ونقول معه: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، نشهد انك قد بلغت الرسالة... وأديت الأمانة... ونصحت الأمة... ومحوت الغمة...

 

 وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين).علموا أبناءكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلموبعد ذلك وتحت عنوان علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ما يلي:علموا أبناءكم أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم صفوة المصطفين وخاتم المرسلين.علموهم أنه صلى الله عليه وسلم كان قبل البعثة الصادق الأمين وكان بعدها الرحمة المهداة للعالمين.علموهم أنه دعوة إبراهيم، وبشارات موسى وعيسى وإمام النبيين.علموهم أنه صلى الله عليه وسلم خير من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين.علموهم أنه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وانه النبي الذي اخذ الله له العهد على أنبيائه أجمعين.علموهم أنه صلى الله عليه وسلم كان بشرا يوحى إليه، وانه الأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا..علموهم أن الله أقسم بحياته صلى الله عليه وسلم دون أحد من الأنبياء فقال له (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) وأن الله فضله في الخطاب على جميع الأنبياء والمرسلين.

اغرسوا في قلوبهم محبته صلى الله عليه وسلم ومحبة آل بيته الطاهرين الطيبين، وذكروهم بقوله صلى الله عليه وسلم (من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله).قولوا لهم: إن المؤمن لا يصدق ولا يذوق حلاوة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. انظر الصفحة 6.يقول المؤلف: فقد كان هاجسي الأساسي هو تحفيز الآباء والأمهات والأهل جميعا على ربط ناشئة المسلمين بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لتكون نبراسا يضيء أمامهم الطريق.. ومنهاجا يسيرون عليه في دروب الحياة ويتمثلونه في جميع أعمالهم.. وأقوالهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.. لأنه صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة لهذه الأمة.

 

كان كذلك لأصحابه رضوان الله عليهم.. وسيظل قدوة هذه الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها استجابة لأمر الله عز وجل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).واستجابة لأمر هذا الرسول الكريم والنبي العظيم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ). ولهذا كان من واجبنا إن نعلمهم:* محبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم* محبة آل بيته الطيبين الطاهرين.* محبة صحابته الاكارم المخلصين.فاللهم علمنا.. وأكرمنا بحبهم وبحب من يحبهم.. وأبقنا في صحبة هذا النبي الكريم.نسعد بشفاعته..

 

 ونشرب من الحوض بيديه الشريفتين ونلقاه وهو راض عنا.. يا رب العالمين (انظر الصفحة7).ويقف المؤلف عند أهمية الاستفادة من المناسبات التاريخية باعتبارها فرصة يمكن استغلالها لشد انتباه الناشئة إلى أمجاد الإسلام وتاريخ الأمة المسلمة وترسيخ القيم والمثل في نفوسهم وكذلك دراسة السيرة النبوية والتعرف على مناقبه عليه الصلاة والسلام وصفاته وأخلاقه ومواقفه على اختلاف أنواعها واستقصاء تاريخ حياته الشريفة باعتباره سيد الخلق وصاحب عظمة وكمال في الخلق.

ويقف المؤلف عند شهر ربيع الأول الذي هو شهر مولده عليه الصلاة والسلام ويصور ما جرى عليه المسلمون من حفاوة بهذا الشهر المشرق برسول الله عليه الصلاة والسلام، انه شهر النور الذي لا ظلمة بعده والهداية التي لا ضلالة بعدها ويمضي المؤلف في استعراض مظاهر هذه الحفاوة التي عبرت عنها المشاعر كما عبرت عنها التصرفات موردا أبيات أمير الشعراء احمد شوقي:ولد الهـدى فالكائنـات ضـيـاء * وفم الزمـان تبســم وثـنــاءوالروح والمـلأ الملائـك حـوله * للديـن والدنيــا بهـا بشــراءوالعرش يزهو والحضيرة تزدهي * والمنتـهى والسـدرة العصـمـاءيوم سنوي للسيرةويدعو الكاتب الأمهات (كي) يجلسن إلى أبنائهن وبناتهن حول السيرة العطرة وإشراقاتها الزكية، ليت الآباء يفعلون الشيء نفسه، بل احسب أن هذا من واجب المدارس أيضا فليتها تحدد يوما من أيام ربيع الأول كل عام تسميه (يوم السيرة) يجتمع فيه الأساتذة بالطلاب في غير مبالغة ولا تهويل: وإنما في مجلس وقور من مجالس العلم والمعرفة وليس ضروريا أن تكون في يوم ولادته صلى الله عليه وسلم حسب الروايات ولكن في أي يوم خلال ربيع الأول أو حتى في العام يخصص يوم يسمى يوم السيرة النبوية وذلك لربط أبنائنا بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وتعريفهم على تاريخ حياته منذ كان جنينا مباركا في بطن أمه إلى أن وضعته (فوقع على الأرض معتمدا بيديه شبه الساجد) وقد استنار البيت من حوله وغمره الأنس والجمال إلى أن استرضع في بادية بني سعد حيث شق صدره، إلى أن ذاق مرارة اليتم فلم ير أبا يرعاه ثم فقد أمه طفلا لا يتجاوز السادسة من عمره الطري، ثم مات جده وهو ابن ثمان وما كان من نشأته طاهرا مطهرا لم يسجد لصنم ولا ينضم إلى مجلس لهو أو عبث، ثم إقرار قريش بتفرده في مكارم الأخلاق وتسميته بالصادق الأمين، وما كان من خروجه في تجارة خديجة والمعجزات التي رآها ميسرة والقوم في الطريق ذهابا وإيابا وكيفية تعامله مع التجار في السوق ثم زواجه من خديجة سيدة نساء قريش التي اختارته وفضلته على سادات مكة جميعا وإنجابه البنات في بيئة تكره البنات تئدهن وكيف استقبل صلى الله عليه وسلم البنات الأربع بالحفاوة نفسها والفرحة التي استقبل بها القاسم وعبد الله الطيب الطاهر واثر هذا كله في قريش الوثنية الممعنة في الغي والضلال والشرك، ثم ما كان بعد ذلك من وقوع الخلاف بين القبائل القرشية حول وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة المشرفة بعد إعادة بنائها، وكيف الأمر بهذه القبائل أن شحذت السيوف ولعقت الدماء وتأهبت لينقض بعضها على بعض فلم ينقذهم إلا حكمة الصادق الأمين وحسن مشورته وسداد رأيه. انظر الصفحة8.ويمضي المؤلف بعد ذلك في استعراض الإرهاصات التي سبقت الميلاد والبعثة موردا الصحيح من الآثار التي روتها متوقفا عند عزلته عليه الصلاة والسلام في الغار يتعبد ونزول جبريل عليه بالوحي الآمر بالقراءة (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وما تعنيه بالنسبة لمنزلة العلم في دين الإسلام.

وفي هذا السياق يورد المؤلف حديث الإمام مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم) انظر الصفحة 10.النسب النبوي الشريفويورد المؤلف ما ينبغي أن يحفظه أبناؤنا من سلسلة ما عرف من آبائه وأجداده:فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية اسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.

وأمه سيدة بني زهرة: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن اليأس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية اسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.فالنسب النبوي الشريف اجتمع له الأصل الذي لم يجتمع لأحد قبله ولا بعده. الصفحة 11.

تعريف أبنائنا بالرحمة المهداةويتوقف المؤلف عند ضرورة تعريف أبنائنا بأنه عليه الصلاة والسلام الرحمة المهداة للعالمين حقا وفعلا ويكفي لذلك أن نسمعهم الآيات الكريمة التي جاءت في القرآن الكريم فالله تعالى يقول له (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء الآية 107 وهو سبحانه الذي يقول لقومه (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة 128.ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم (نبي الرحمة)، (رسول الرحمة) وهو (الرحمة المهداة) وقد روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنا رحمة مهداة) كما روى الطبراني بلفظ (بعثت رحمة مهداة).

ويورد المؤلف أحداثا ووقائع تشهد بتجسيمه عليه الصلاة والسلام لهذه الرحمة من ذلك قصة الأعرابي الذي جاء يطلب منه شيئا فأعطاه ثم قال له: أأحسنت إليك؟“ قال: الأعرابي (ولا أجملت) فغضب الحاضرون من المسلمين وقاموا إلى الأعرابي فأشار إليهم عليه الصلاة والسلام أن كفوا ثم قام ودخل منزله وأرسل إلى الأعرابي وزاده شيئا ثم قال له (أأحسنت؟ قال: نعم فجازاك الله تعالى من أهل وعشيرة خيرا) فقال صلى الله عليه وسلم (انك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شيء فان أحببت فقل ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك قال الأعرابي (نعم) فلما كان الغد جاء صلى الله عليه وسلم فقال:”إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم انه رضي أكذلك؟ قال الأعرابي: نعم فجازاك الله من أهل وعشيرة خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا فناداهم صاحبها: خلوا بيني وبين ناقتي فاني أرفق بها منكم واعلم فتوجه لها فاخذ لها من قمام الأرض فردها حتى جاءت إليه واستناخت وشد عليها رحالها واستوى عليها واني لو حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار).

ومن ذلك أيضا قصة الجارية التي لقيته صلى الله عليه وسلم باكية لأنها أضاعت ثمن دقيق لأسيادها فدفع لها ثمن الدقيق ولكن استمرت تبكي خوفا من ضرب أسيادها لها فذهب عنها إليهم وتحدث معهم في لطف ولين حتى سامحوها وعفوا عنها.ومن ذلك موقفه من الصغار وحدبه عليهم وكيف كان الواحد من السبطين يرتحل ظهره وهو ساجد فيطيل السجود حتى لا يزعجه وكيف كان عليه الصلاة والسلام إذا سمع بكاء الطفل يخفف من صلاته ليكون إلى جوار الطفل من يرحم بكاءه.

وقد جاءه رجل يقول: يا رسول الله إني اشتهي الجهاد ولا اقدر عليه فيقول صلى الله عليه وسلم “هل بقي من والديك احد؟ فيجيب الرجل: نعم فيقول له قابل الله في برهما فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد وفي رواية: ففيهما فجاهد”.والمضي مع الدكتور محمد عبده يماني في كتابه القيم (علموا أبناءكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) لا يمكن أن تفي بها مقالة نظرا لسلاسة أسلوبه وجميل تطرقه للمسائل التي تأخذ بأعناق بعضها البعض فلا تدع القارئ يتوقف إلى أن ينهي الكتاب كل ذلك بدافع تحبيب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام لأبنائنا وقبل ذلك تحبيبه لأنفسانا ليصل بنا إلا المرتبة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ألا وهي مرتبة تذوق حلاوة الإيمان.

“نبي الرحمة” و“رسول الرحمة” و“الرحمة المهداة” كتجسيم لهذه المعاني يذكر الدكتور محمد عبده يماني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل ظهره الحسن أو الحسين يطيل السجود حتى لا يزعجه. كما انه صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء طفل يخفف من صلاته ليكون إلى جوار الطفل من يرحم بكاءه.ويورد المؤلف نموذجا آخر لرحمته التي تجاوزت الإنسان إلى الحيوان الأبكم الذي لا يعقل ولا ينطق ولا يستطيع أن يشكو من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستانا لانصاري فإذا فيه جمل فما إن رأى هذا الجمل النبي حتى ذرفت عيناه فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فسال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صاحبه فلما جاءه قال له:ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فانه شكا إلي انك نجيعه وتدئبه".

ويورد المؤلف لبيان علو شأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما قاله القاضي عياض في كتاب الشفاء: (ومما ذكر من خصائصه وبر الله سبحانه وتعالى به أنه خاطب الأنبياء جميعا بأسمائهم فقال تعالى: يا آدم.. يا نوح.. يا إبراهيم.. يا موسى.. يا داود.. يا عيسى.. يا يحي ولم يخاطبه إلا بقوله: يا أيها النبي.. يا أيها الرسول.. يا أيها المزمل.. يا أيها المدثر).

كما يورد المؤلف قول ابن الجوزي (ما اقسم الله تبارك وتعالى بحياة احد غيره صلى الله عليه وسلم لأنه أكرم البرية عنده وذلك قوله (لعمرك) الحجر 72 ومعناه: وبقاؤك يا محمد وقيل: وعيشك وقيل: وحياتك) ويضع المؤلف نفسه موضع الآباء الذين يسألهم أبناؤهم عن معنى قوله عليه الصلاة والسلام “أنا دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى” يقول الدكتور محمد عبده يماني: فعلى المتصدي للتحدث معهم-يوم السيرة أن يشرح لهم المقصود بهذه المقالة وأن يروي لهم قصة سيدنا إبراهيم ويتلو عليهم الآيات: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم) البقرة 129.وقد روى ابن جرير عن أبي العالية قال: لما قال إبراهيم عليه السلام (ربنا وابعث فيهم رسولا) قيل له قد استجيب لك وهو كائن آخر الزمان ويمضي المؤلف في إيراد عديد النصوص التي تجيب على تساؤلات الأبناء داعيا الآباء إلى إيراد القصص من القرآن والسنة والسيرة التي تقنع هؤلاء الأبناء بما نقول ونورد لهم.

يقول المؤلف (لا بد لأبنائنا أن يعرفوا انه (عليه الصلاة والسلام) خير من آمن وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه الله اليقين وكيف كان ذلك، اجعلوهم يستمعون لكم وانتم تقصون قصة أعظم وأنبل كفاح لأعظم وأنبل نبي ورسول، دعوهم يطلعون على ما عاناه صلى الله عليه وسلم وهو ينشر دعوته بين قوم ران الجهل على قلوبهم فاعمى أفئدتهم واستبدت الوثنية بعقولهم فطمست على بصائرهم وبصيرتهم، قولوا لهم: انه صلى الله عليه وسلم بدا الدعوة إلى سبيل ربه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وجادل قومه بالتي هي أحسن ولم يكن فظا ولا غليظ القلب ولا عاتيا ولا متكبرا بل كان فيه اللطف واللين والحلم والصبر والتواضع والشهامة والمروءة وقد حاول مع قومه بكل الوسائل لهدايتهم ولم يستعمل السيف إلا بعد أن عذب هو وأتباعه وظلم هو وأتباعه على أيدي طغاة قريش ومشركيها الذين نهبوا المال وعذبوا الأجساد واستباحوا الحرمات وقتلوا النساء والأطفال وآخر الأمر اضطروهم للهجرة إلى الحبشة وترك الأهل والأوطان ثم كانت الهجرة إلى المدينة.

اغرسوا في قلوب الأبناء والبنات محبة رسول الله صلى الله عليه وسلمويمضي الدكتور محمد عبده يماني في التأكيد على تعليم الأبناء محبة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فيقول “اغرسوا في قلوب الأبناء والبنات محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبة آل بيته الطاهرين الطيبين واذكروا لهم قوله ”من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله" وذكروهم أن كل ما تنعم به البشرية اليوم من عقيدة صحيحة سليمة وشريعة كاملة عادلة تحقق للإنسان الأمن والسلام والحياة الكريمة يرجع الفضل فيها إلى الله سبحانه وتعالى ثم إليه.لقد فرض الإسلام حب الرسول على الناس واوجبه بقوله تعالى (قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين) التوبة 24 وقوله (فاتبعوني يحببكم الله) آل عمران31.

قال القاضي عياض في تفسير الآية الأولى: (كفى بها حضا وتنبيها ودلالة وحجة على إلزام محبته وفرضها، وعظم خطرها واستحقاقه صلى الله عليه وسلم لها، إذ قرع الله تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله واوعدهم بقوله تعالى (فتربصوا حتى يأتي الله بامره) التوبة 24 ثم فسقهم بتمام الآية واعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله فلا يصدق إيمان المؤمن ولا يذوق حلاوته ويجد بين جوانحه روعته حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما( الصفحة 20.

لقد حشر الدكتور محمد عبده يماني في كتابه: علموا أبناءكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والاثار من السيرة المحمدية وسيرة أصحابه الكرام ما يجعل القارئ يسلم بأن الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو السبيل الوحيد للإحراز على مرضاة الله تبارك وتعالى وانه لا يوجد سبيل سواه يقول الدكتور محمد عبده يماني (عرفوا أولادكم انه صلى الله عليه وسلم كان بشرا، ولكن بشرا يوحى إليه واحاطه برعايته ولطفه ورحمته وجمع فيه رفيع الأخلاق وكريم الخصال).

يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة ورحمةوفي فصل يحمل عنوان: ولد يتيما يقول المؤلف: يجمع العقلاء على أن يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بركة ورحمة وأن فقره كان لطفا ونعمة. وأن تربيته وأدبه كانا من الله عز وجل قال تعالى (فانك بأعيننا) وقال صلى الله عليه وسلم (أدبني ربي فأحسن تأديبي) ويمضي المؤلف في استعراض مراحل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبكرة وما حفت بها من ألطاف إلهية ولأجل ذلك اعتبر المؤلف أن يتم الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتما مباركا عليه وعلى كل من اقترب منه واختلط به وبالخصوص مرضعته حليمة السعدية فدرت الناقة وحتى الاتان التي خرجت عليهات حليمة فقد أصبح لها برسول الله صلى الله عليه وسلم شأن عظيم.ويتوقف المؤلف عند صفتي الصدق والأمانة اللتين عرف بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وقد فض الخلاف بين قومه وحقن دماء قريش.

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيرا وأغناه الله فقد رعى الغنم واشتغل بالتجارة وسافر مع عمه إلى الشام. وقد اعز الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم.وفي فصل الاحتفاء بالمولد يأتي المؤلف بالحجج والبراهين التي تبين أن هذا الاحتفاء في الإطار الشرعي لا يختلف حول جوازه العقلاء لأن الاحتفاء بالمولد هو إحياء لذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وعندما يكون في إطار مجالس العلم والمواعظ.. وآداب الدين الإسلامي فهو أمر استحسنه أهل العلم لما في ذلك من ارتباط بسيرته صلى الله عليه وسلم وتتبع لمعجزاته وسيرته وشمائله وقد أمر الله بالاقتداء والسير على نهجه وهو قدوتنا عليه الصلاة والسلام ومعرفة شمائله وصفاته تستدعي كمال الإيمان به صلى الله عليه وسلم وتتبع السيرة يعمق المحبة ويرسخها في النفوس المؤمنة والله عز وجل يقول في كتابع الكريم (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) هود120.فإذا كان في قصص الأنبياء تثبيت لفؤاده الشريف فإن في قصص حياته المباركة أعظم التثبيت لقلوبنا ونحن أحوج إلى التثبيت ليكون أسوة لنا ولأبنائنا عسى أن نكون على دربه من السالكين والى سبيله من الداعين، وعى حوضه من الواردين.

رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبوفي فصل: محمد أبا يقول المؤلف (لقد كان موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولادة البنات موقف الأب الإنسان الذي يستقبل الواحدة منهن سعيدا مشرق الوجه، متهلل الأسارير ليكون قدوة لأولئك الذين قست قلوبهم وغلظت أكبادهم وخلت نفوسهم من الرحمة ويتوقف المؤلف عند ثمار الزوجة الأولى فقد رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين خديجة بنت خويلد-زوجنه الأولى-بأربع بنات هن: زينب، وأم كلثوم وفاطمة الزهراء ورقية وفي فاطمة وسجاياها يورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “فاطمة سيدة نساء الجنة” وقال فيها أيضا “فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني”.وقد أنجبت الزهراء الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وقد أحبهم الرسول حبا كبيرا وكان يسبغ عليهم فيضا من عطفه وحنانه وخاصة الحسن والحسين اللذين كان يقول فيهما “اللهم إني أحبهما فأحبهما وأبغض من أبغضهما”.

وعندما فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم يورد المؤلف قوله عليه السلام “يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد صدق وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك اشد من هذا” ثم صمت صلى الله عليه وسلم لحظات قال بعدها “إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وأنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون”.

ويعود المؤلف إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم جاعلا من قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: “لانت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا نفسي ويجيبه عليه السلام:”لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال عمر رضي الله عنه: فأنت الآن أحب إلي من نفسي" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر؟وفي فصل الهجرة الشريفة يتوقف المؤلف عند أهميتها وما سبقها من أحداث مهمة وما اقترن بها وما ترتب عنها موردا قول عمر “ضعوا للناس تاريخا يتعاملون به” ولا يغفل المؤلف عن التوقف عند أول خطبة خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وقيامه بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار منتهيا إلى بيان جملة من المعاني التي أكدتها الهجرة الشريفة منها أن الحق هو القوة التي لا تغلب مهما طال الطريق.

 

وأن الباطل هو الضعف وإن دال وأن الظلم والبطش والتعذيب والاضطهاد لا يمكن أن تنال من قوة الإيمان إذا تمكن في القلوب المسلمة.أم معبد تصف رسول الله صلى الله عليه وسلموعن وصف أم معبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لزوجها الذي سألها من أين اللبن يا أم معبد ولا حلوبة في البيت والشاء عازب؟ فقالت: لا والله انه مر بنا رجل مبارك فقال صفيه لي فوالله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب فقالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثلجة ولم تزر به صلعة وسيم قسيم في عينه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثافة أزج اقرن إن صمت فعليه الوقار وان تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنهم وأجملهم من قريب حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ربعة لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنظر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إذا قال أنصتوا لقوله وان أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عباس ولا منفد.

 

قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولقد هممت أن أصحبنه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا الصفحة79.ويعود المؤلف إلى الهجرة ولكن من جانب آخر هو جانب الاستقبال العظيم الذي استقبل به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يؤكد ويقيم الحجة والبرهان على أن هذه الرحلة كانت محفوفة بعين العناية الإلهية.

وفي فصل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود محمد عبده يماني إلى معاني الحب والتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فيجسمها في حيز الواقع مختزلا الزمان والمكان حاملا معه قارئه إلى تلك الفيوضات الربانية التي استطاع قلمه أن يعبر عنها اصدق تعبير وأدقه.


موقع الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي
السبت 6 شباط (فبراير) 2010