د. سعود بن صالح المصيبيح - د. محمد عبده يماني فقيد الوطن الذي اعادني بعد الله الي طريق المستقبل
توالت المقالات والكتابات عن فقيد الوطن محمد عبده يماني وحمدت الله عز وجل الذي لايضيع أجر من عمل عملاً صالحاً في دنياه أما الآخرة فنحسبه عند الله من المقبولين وندعو له إذ أن ما كان يبذله من جهد وعمل دؤوب ومتابعة ومشاركة إنسانية وأعمال بر وخير وجد هذا التقدير من مئات الآلاف الذين عزوا وكتبوا أو توافدوا وشاركوا أھل الفقيد ومحبيه مصابهم الجلل ولم يكن محمد عبده يماني يعمل ليقول عنه الناس كل ذلك ولكنه عمل لنبتة الخير في داخله والنبل والتواضع والإنسانية داخل أحساسة الصادق وهذا التأبين الكبير لمسئول الدولة السابق والرجل الإنسان المتعدد الاھتمامات والأعمار والأنشطة رسالة صريحة من المجتمع على تقدير النبلاء وأھل الخير المنكرين لذاتهم . وهاهو رحمه الله يرحل إلى بارئه وكلنا نسير في هذا الطريق وهاهو يودع بأجمل توديع وھو دعاء الصالحين وثناء الصادقين وشهادة الوفيين ذلك أنه لم يكن أثرى الناس وكان المال عنده لإسعاد الآخرين كما كان اسمه وجاهه يبذله لفعل الخير وبث الابتسامة وتشجيع القدرات والأخذ بها لطرق النجاح والتقدم والعطاء ولاحظت أن كثيراً من المقالات كانت تحكي قصصا ومواقف مع د. محمد عبده يماني الذي ذھب لخالقه وبالتالي لاشيء يرجى عنه نفاقاً أو مديحاً وإنما تسجيل موقف وذكرى حيث نذر نفسه لخدمة الناس ومساعدتهم وتشجيعهم والوقوف موقف الرجل الشهم ومسئول الدولة الأمين المخلص الذي يقرب القلوب ويؤلف ويلطف الأجواء المتوترة بعيداً عن الذاتية وتصفية الحسابات الشخصية وكان لي مع د. محمد عبده يماني قصة لا أنساها فقد وقف معي رحمه الله موقفاً في ظرف صعب جداً كاد أن يقضي على طموحي ومستقبلي إذ كنت متعاوناً مع إحدى الصحف مع بداية عام 1401 للهجرة وكتبت مقالاً أغضب أحد المسئولين نتيجة تضخيم الأمر وإثارة ھذا المسئول من بعض المتنفذين وهو أمر يتكرر عندما تصل قلوب خادعه غير أمينة إلى دوائر مؤثرة، فغضب ذلك المسئول رحمه الله وكان من أقرب الناس إلى قلبي ولا يزال ووجه بالتحقيق معي في وزارة الإعلام وكان موقفاً صعباً على شاب في آخر مرحلة من دراسته في الجامعة.. وكان الحدث كبيراً ومؤثراً علي كوني محباً لوطني وكون الموضوع كان فيه إساءة فهم واضحة ... فطلبني الوزير د. محمد عبده يماني رحمه الله وذهبت لوزارة الإعلام وأنا في غاية الألم والخوف والعذاب النفسي وكنت أعّول على الدراسة في الخارج والابتعاث لتطوير طموحي وآمالي لخدمة وطني فكان هذا الحدث الجلل عائقاً أمام ذلك وكنت أرى مستقبلي وطموحي ينتھي دون أن أفعل له شيئاً... وبالذات موضوع إنھاء الدراسة الجامعية كوني في الفصل الأخير منھا وعندما دخلت مكتب الوزير قابلني الأستاذ أحمد القحطاني مدير مكتب معاليه آنذاك وسفير خادم الحرمين الشريفين في قطر حالياً وأدخلني صالة انتظار لمقابلة معالي الوزير .. وبعدها بدقائق مرت كسنوات من الخوف والرعب والھلع جاء معالي الإنسان د. محمد عبده رحمه الله وكأني أراه بكامل قيافته وبشاشته وابتسامته الحنونة وسلم علي بكل تواضع ولطف وحنان أزال عني رھبة الموقف وتوتره وبدأ بالإشادة بي وأنه يقرأ لي وأنه سأل عني زملاء في الجريدة وأثنوا علي وقال بأنها أزمة سيعمل على التعامل معها لما فيه صالحي وتهدئه النفوس وطلب مني أياماً حتى يشرح الأمر لذلك المسئول .. قلت لمعاليه بأنني أشكره عل اھتمامه واحترامه لشخصي رغم أنني شاب صغير في السن آنذاك ليس لي نصير إلا الله ثم الرجال أمثاله ولا يرجى مني شيئاً أقدمه لمعاليه سوى الدعاء وأضفت بأن مايهمني هو دراستي ومستقبلي وأنا على أبواب التخرج لأني علمت أن خطاباً ذھب لوزير التعليم العالي بهذا الخصوص فقال أعرف ذلك يأبني وأنا وزير التعليم العالي بالنيابة نظراً لسفر الوزير وسأتعامل مع الخطاب بالشكل الذي يجلي الأمور ويهدي الأنفس .. وأن علي الصبر وكل الأمور ستحل بأذن الله . خرجت من وزارة الإعلام وأنا غير مصّدق من إنسانية ھذا الوزير رغم المكانة العظيمة له وكيف يقوى نفسه ضد الكبر والغرور والغطرسة ويقابلني ھذه المقابلة الودودة النبيلة وأنا في موقف صعب ومحل غضب وكربة. ورفعت يدي شكراً لله ودعاء لهذا الرجل على موقفه النبيل وفعلاً بعد أيام جاءني اتصال من الوزارة يفيد بأن الأمور انتهت وأن معاليه أجلى الأمر وشرح الموقف وأعاد الوضع إلى سابقه فكانت الفرحة كبيرة كونهاأعادت لي بفضل الله ثم بفضل هذا الرجل الحياة الطموحة والتطلع للمستقبل التي كادت أن تقضي على آمالي وطموحي . وكم من شاب وقع فيما وقعت فيه ثم تمت معالجة الموقف بسوء تصرف أو إثارة فتنة أو صب الزيت على النار فتأثروا أو تحطمت حياتھم وآمالهم فهذا الموقف الذي عايشته عايش أمثاله الكثيرون مع د. محمد عبده يماني صاحب النفس الزكية والقلب الكبير المحب للخير العطوف نصير المساكين والمحتاجين والضعفاء . ولهذا لاغرابة أن يأتيه الثناء من أمير الحزم والحكمة والحلم الأمير نايف بن عبدالعزيز ومن الأمير عبدالعزيز بن فهد ومن آلاف الذين كتبوا أو علقوا أو عبروا عن مشاعرھم تجاه ھذا الإنسان المميز . وبعد عودتي من الابتعاث ظلت علاقتي بالدكتور محمد رحمه الله مستمرة أهاتفه وأتواصل معه وأجد منه التشجيع ولازالت كلماته عن خدمة الدين والوطن ترن في أذني وأهديت له كتبي وكان يتابع بعض البرامج التلفزيونية التي أقدمهاأو اشارك بها أو المقالات التي أكتبها في بعض الصحف كما كتبت عنه مقال في جريدة المدينة بعنوان محمد عبده 1428ھ قلت فيه مايستحقه وشارك معنا في وزارة /12 / يماني في تاريخ 24 التربية والتعليم في نهاية عملي بها عام 1418ھ في ندوة عن التعليم والمستقبل في أبها أشرف عليها معالي وزير التربية والتعليم الأسبق د. محمد بن أحمد الرشيد حفلت بمداخلات واعية من معالي د. محمد عبده يماني وتواصلت مع معاليه خلال فترة أزمة الإرهاب وعملي الحالي في وزارة الداخلية فكان نعم الرجل المخلص الوفي لوطنه حيث كانت مقالاته صادقه وواعية تحمل النصح والتوجيه المفيد. رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان و"إنا لله وإنا إليه راجعون" ..وكنت خلال وفاته في سفر فجاءت ھذه المشاعر بعد عودتي وهو فقيد الوطن يستحق كل ثناء ودعاء رحمه الله.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".