مطلق العساف السهلي - حرف آخر
مطلق العساف السهلي - حرف آخر تعود بي الذكرى لسنوات ماضية وأنا في بداية عملي الإعلامي، حيث كنت أعد وأقدم برامج من إذاعةالرياض، وكان الرجل الفاضل والعالم والإنسان الدكتور محمد عبده يماني في بداية عمله وزيرا للإعلام. كان مكتبه حينذاك شعلة نشاط، اجتماعات متواصلة مع قيادات الوزارة ومديري الإدارات والأقسام فيها؛ لمناقشة وبحث كل ما من شأنه الارتقاء بالعمل وتطويره والانتقال به نوعيا وتأهيل الكفاءات ودعمها بما يحقق الأهداف المنشودة. جاء هذا الإنسان المخلص للعمل وكان تفكيره كبيرا وآماله وطموحاته عريضة وتمكن من إحداث بصمة واضحة مازالت حاضرة حتى الآن. أذكر أنني تمكنت من التسلل إلى مكتب الوزير في مبنى الإذاعة في الرياض، وكان حينها أحمد القحطاني سكرتيرا لمعاليه، فعرفته بنفسي وطلبت منه لقاء الوزير، فقال: هاهو المكتب أمامك، فدخلت على معاليه وطلبت منه أن يكون ضيفا على برنامجي رغم أنني كنت أدرك حجم مشاغله وارتباطاته، فقال لي: أين سيكون التسجيل؟ فأجبته: في الاستوديو.. فقال: لا مانع، وحدد بعد صلاة الظهر موعدا، شعرت بسعادة غامرة بموافقته على اللقاء واتصلت بالمخرج وحجزت الاستوديو، وبينما كنت أرحب بقدومه عند بوابة الاستوديو فوجئ به وكيل الوزارة لشؤون الإذاعة والتلفزيون ومدير عام الإذاعة. جاء الوزير بكل بساطة وتواضع وقبل إجراء اللقاء وبعده استمعت بتوجيهات ونصائح ثمينة مازلت استنير بها حتى الآن. من يذكر هذا الرجل الطيب البسيط يذكر له دون شك إسهاماته وإنجازاته الكبيرة على صعيد الإعلام وأصعدة أخرى سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي، خصوصا فيما يتعلق بدوره الكبير في إنقاذ نادي الوحدة والوقوف معه في أزمات كثيرة، فضلا عن إنتاجه العلمي والأدبي ويكفيه كتابه الشهير «علموا أولادكم محبة رسول الله»، ودعمه ومساعدته المحتاجين سواء معنويا أو ماديا. صفات متعددة ومزايا إنسانية نبيلة يتمتع بها الدكتور محمد عبده يماني، جعلت منه وجها بارزا وشخصية على مستوى الوطن، وقد حان الوقت لتكريمه من المؤسسات الإعلامية والرياضية والاجتماعية والخيرية والرياضية.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".