عطا الله نور- محمد عبده يماني الرجل الشهم
تتفاخر الأمم بزعمائها وأبطالها ورجالها الأفذاذ، وفي تاريخنا الإسلامي المجيد شامات على جبين الأمة يحق لأبنائها التفاخر بهم بين الأمم، ولاشك أن على رأسهم رسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم من بعده صحابته الكرام رضوان الله عليهم وسلف هذه الأمة من القادة والعلماء. وإن ممن نعتز بهم ونفخر بين الأمم هو المفكر الإسلامي معالي الوالد الدكتور محمد عبد يماني رحمه الله تعالى، راعي الأيتام والمساكين وأصحاب العوز والحاجة، حيث فقدت بلادنا الغالية هذا العلم من أعلام العلم والدعوة والإعلام والثقافة، وهو عالم سخر نفسه للدعوة إلى الله تعالى، وإلى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى إغاثة الملهوف، وتفريج الكربات، ومساعدة المحتاجين، فقد شهد له بتلك الأعمال أهل العلم والفضل من علماء الأمة الإسلامية، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً. وإن موت العلماء الربانيين خسارة عظيمة للأمة التي تعرف قيمتهم وتدرك أهميتهم، وتعلم ما يترتب على فقدهم، وهو من نقص الأرض بنقص الدين والعلم فيها، وكان الناس ولا يزالون يبكون العلماء الربانيين. لقد كان معالي الوالد الدكتور رقيق القلب، دمث الأخلاق، طيب الفؤاد، مقداماً إلى الخير، ساعياً في كل ما من شأنه تفريج كربات الناس، والتيسير على المعسرين، وكان لمعاليه وقفات مع المضطهدين من الأقليات والجماعات في العالم الإسلامي وفي مقدمتهم البرماويين، حيث زار مخيمات اللاجئين البرماويين في بنجلاديش، وعمل على تخفيف مصابهم، وتصحيح أوضاع المقيمين منهم في المملكة، فشفع لهم لدى ولاة الأمر، ودعم مدارسهم الخيرية، وساعد طلابها على مواصلة الدراسات العليات في بعض الدول الإسلامية، وحتى في آخر أيامه كان يشفع لهم لدى ولاة الأمر وفقهم الله تعالى. والحديث عن سيرة شيخ بحجم فقيدنا الكبير رحمه الله يطول به المقام، ولكن حسبنا أنه ترك وراءه رجالاً يقومون بالعمل الذي كان يقوم به، ولما مات زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أبو هريرة رضي الله عنه: (مات اليوم حبر هذه الأمة ولعل الله يجعل في ابن عباس منه خلفاً)، فنسأل الله أن يجعل في ابنه الدكتور ياسر خلفاً له، وأقترح في هذا المقام تغيير مسمى جمعية إقرأ للعلاقات الإنسانية إلى جمعية محمد عبده يماني للأعمال الخيرية. حقا إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراق والدنا لمحزونون، ولا راد لقضاء الله وقدره، والحمد لله على كل حال.

الدكتور محمد عبده يماني .. كريم الشمائل عظيم المروءات

المهندس أحمد عبد الوهاب آشي
رحم الله توأم روحي أبا ياسر ، لقد كنت على موعد معه يوم الثاني من شهر ذي الحجة للصعود إلى مكة المكرمة لتقديم واجب العزاء في السادن العزيز المرحوم الشيخ عبدالعزيز كدأبه في مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم .. وكان هذا ديدنه دائماً مهما كان في ذلك الأمر من إرهاق ومشقة عليه وتراه مسروراً وفرحاً فيما يقوم به وكنت أرافقه في كثير من الأحيان هذا التواصل والمودة مع الناس كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم وجيههم وبسيطهم ولكنه سبقنا إلى دار الحق وتركنا في هذه الدنيا الغرور.
كان رحمه الله يفشي المحبة والسلام بين الجميع لا تراه إلا مبتسماً بذلك الوجه النوراني، عف اللسان، بذلك التواضع والأدب الجم مع كل من يقابله من الناس، ينفرد بهذه الخصوصية حتى مع الأطفال ويشعر كل من يقابله بأنه يخصه وحده بالاهتمام وهذه ميزة ينفرد بها رحمه الله وهو من الذين يسارعون في الخيرات وينفقون عن سعة, يجبر كسر هذا ويفرح قلب هذا فهو أمة في رجل وركن من أركان المجتمع المكي بل ركن من أركان الوطن وكان رحمه الله يحثني دائماً ويشركني في فعل الخير وكم فرَّج بعد توفيق الله كربة محتاج وهو لا يفتأ مدافعاً منافحاً ومناصراً لكل ذي مظلمة وكذلك اصلاح ذات البين.
أيها الشيخ الجليل الفارس النبيل، إهنأ في مرقدك الأخير تتنزل عليك شآبيب رحمه الله.. وأنا لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنى عليك من غمرته بفضلك وإحسانك وأزلت بعد الله ضيقته وما اتفق اثنان أو أكثر كما اتفقوا على محبتك ولا نستطيع أن نعدد مآثرك وحسناتك في كل وجوه الحياة، جزاك الله خيراً لما قدمته لأمتك ووطنك.رحم الله الشاعر السفير حسين فطاني عندما قال في قصيدته يا قبلة المجد:

وعز في الناس من عزّت بلادهم لما أشادوا لها أو شيدوا فيهــــــا

وكما قال والدي المرحوم عبدالوهاب آشي في قصيدته:
ما مات من خلدت صحائف مجده ولسعيه الوطن العزيز مصــــدق

وهذا الإمام الشافعي رحمه الله يقول:
الناس للنّاس ما دام الوفاء بــــــهم والعسر واليسر أوقات وساعـــات
وأكرم الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للنّاس حاجـــــات
قد مات أقوام وما ماتت فضـائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات

ويا حبذا أن يخلد اسم الفقيد الجليل بمعلم بارز في مكة المكرمة وغيرها من مدن المملكة.. رحم الله فقيد الأمة، فهو حيّ بمآثره ومكارمه، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان وبارك له في أبنائه البررة.وأنا أدعو جميع محبيه والعارفين بفضله وغيرهم أن يتأسّوا ويقتدوا بأخلاقه ويسيروا على نهجه ومنهاجه فهو نعم المربي الإسلامي ونعم العبد إنه أواب بإذنه تعالى وجعله من الكرام البررة إنه سميع مجيب.و"إنا لله وإنا إليه راجعون".