شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

الصحابة رضوان الله عليهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أاتبعوه وافتدوه بأنفسهم ، وكانوا يتطلعون الى صحبته في الدنيا والآخرة ويخشون ان تقصر بهم اعمالهم فلا يكونون معه صلى الله عليه وسلم هكذا احبوه وأحبهم وكانوا هم السابقون ، وكانوا اشداء على  الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا فحل عليهم رضوان الله وبركة رسوله الكريم ..

 بأبي انت وأمي يارسول الله

لمفكر محمد عبده يماني.. معالم في دروب العلم والثقافة في مكة المكرمة عاصم حمدان

 

عندما يكتب العبد الفقير إلى الله عن الإنسان محمّد عبده يماني؛ فإنّما يكتب عن شخصية يشاركه في حبّها والتعلّق بها جمعٌ غفير من أهل هذه البلاد الطيبة، وخارجها أيضًا. كانت البداية عام 1392هـ عندما التحقت بكلية الشريعة بمكّة المكرمة، وهي أقدم الكلّيات العلمية في بلادنا، وفي ذلك العام عيّن معالي الدكتور محمّد عبده يماني مديرًا لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، حيث خلف معالي الدكتور أحمد محمّد علي في إدارتها، وضمّ بتوجيه كريم كليتي الشريعة والتربية إلى جامعة الملك عبدالعزيز إداريًا، وأطلق عليهما مسمّى فرع الجامعة بمكّة المكرمة. وظلّ إنشاء جامعة مستقلة في مكّة المكرمة حلمًا حمله كلٌّ من الدكتور يماني -رحمه الله-، ورفيق دربه الدكتور عبدالعزيز خوجة -أمدّ الله في عمره-. قد يتغير الإنسان في سلوكياته بعد تقلّده منصبًا إداريًا رفيعًا؛ ولكن سلوكيات هذا الإنسان؛ «يماني» بقيت كما هي، فهو يصعد في نهاية الأسبوع إلى مكّة المكرمة لرؤية والديه، ولا يستنكف من الجلوس في حانوت والده المتواضع بحي المسفلة، وقد شاهدت شخصيًّا كيف كان يحتفي بوالده -رحمهما الله- عندما يصطحبه إلى مناسبات اجتماعية أو أدبية، وقد لمحت صورة الأب في مقر رابطة العالم الإسلامي بحي المعابدة بمكّة المكرمة، حيث كانت تجري فعاليات الموسم الثقافي السنوي للرابطة، على عهد أمينها معالي الشيخ صالح قزّاز، الذي خلف معالي الشيخ محمّد سرور الصبّان، رحمهما الله، في منصب الأمانة.

كان الجانب العلمي والفكري يستغرق بصورة لافتة حياة الدكتور اليماني؛ فهو قد تلقّى العلم في مدرسة الفلاح، على يد علماء أفاضل، أمثال: الشيخ محمّد العربي التبّاني، والسيد علوي بن عبّاس المالكي، والسيد محمد أمين كتبي، والسيد إسحاق عزوز، والشيخ محمّد نور سيف، وقد تأثّر العديد من أبناء مكّة المكرمة بشخصية السيّد العزوز، والذي يعد عند مريديه، وسواهم، عالمًا موسوعيًّا، وخصوصًا في علم المنطق والآلة؛ وهو العلم الذي كان يعد مقدمة لعلوم دينية أخرى، ويضمّ أشتاتًا من العلوم والمعارف وأصولها في نسق واحد. وقد نشأت كذلك صلة علمية بين فضيلة الشيخ محمّد متولي الشّعراوي -رحمه الله- والدكتور يماني. وتعود جذور تلك الصلة إلى الحقبة التي كان يدرّس بها الشيخ الشعراوي في مدرسة الفلاح، ثمّ قام في حقبة تالية بالتدريس في القسم العالي بكلية الشريعة بمكّة المكرمة، كما ضمّ القسم أسماء علمية مشهورة مثل: الشيخ محمّد الغزالي -رحمه الله-. وممّا استقرّ في الذّهن من الذكريات أنّ الشيخ القزّاز دعا على شرف الشيخ الغزالي مجموعة من أهل العلم ومريديه، وخصّني تفضلاً منه ورعاية بالدعوة إلى ذلك اللّقاء، فلمست في ذلك اللقاء منهج الوسطية والاعتدال الذي كان ينتهجه الشيخ الغزالي، وبدا لاحقًا في كتابه «السنّة بين أهل الفقه وأهل الحديث». وفي ذلك اللقاء أفصح الشيخ الغزالي عن خلفية قراره بهجر الجماعة الدينية التي كان ينتمي إليها، وقال: «أخذت العلم بعد تأنٍ وتفكير وتوفيق من الله ممن هو أعلى مرتبة وثقافة وسلوكًا»؛ السنّة النبوية الشريفة وسيرة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. في الجانب الآخر من الحياة العلمية والفكرية في مكّة المكرمة كان هناك تيار يتشكّل، ومنهج أقرب ما يكون إلى ما يُعرف باسم "تيار الإسلام السياسي"، وقد استغلّ ذلك التيار المؤدلج البيئة الروحية الخاصة بالبلد الحرام، وعاد إلى طرح بعض الأفكار

التكفيرية، كما تجسّدت في كتاب «معالم الطّريق»، الذي كفّر صراحة ما دعاه بـ"المجتمع الجاهلي"، وغالى وتطرّف إلى حد القول بأنّ جاهلية اليوم أسوأ من جاهلية الحقبة التي سبقت ظهور خاتمة النبوة والتي تنزّل فيها الوحي الأمين على سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. ولعلّ المرحوم الدكتور يماني، مع زميله معالي الدكتور الخوجة، قد تنبّها إلى خطورة هذا المسلك الخالي من الجوانب الروحية، وعدم تعمّقه في مقاصد الشرع الحنيف، وحاولا بجد وعزيمة مع آخرين الوقوف في وجه ذلك التيار المتشدد، وفي هذا الصدد أصدر «يماني» بعد ذلك موسوعته العلمية الشهيرة في السيرة النبوية التي أخذت مسميات عدة مثل: علّموا أبناءكم محبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعلّموا أبناءكم محبة صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعلّموا أبناءكم محبة آل بيت النبوة الطاهر، وسواها، من الكتب والمؤلفات التي فتحت نافذة جديدة لأبناء الجيل الحالي، الذي كان في أمسّ الحاجة إلى مثل هذا الطرح، الذي يرقّق القلوب ويزيل عنها ما ران عليها من الغفلة والظلمة التي تأباها مبادئ الفكر الوسطي المعتدل والمتسامح، الذي يعترف بالآخر، ويقرّ له بالوجود كما يقرّ لنفسه. رحم الله الدكتور محمّد عبده يماني، وجعل الخير في ذريته ومريديه، ونفعنا الله بالعلم النّافع، والرأي المستقيم، وسلك بنا مسالك عباده الصالحين

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب