شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

(لقد أظهرت بعض الدراسات الميدانية والمختبرية كيف أن بعض اتجاهات وقيم الأطفال الاجتماعية يمكن أن تتشكَّل من خلال المشاهدات التلفزيونية المتكررة، كما قد يستثير المشهد التلفزيوني بعض الأطفال بشكل يفوق أبعاد المتعة العابرة أو التسلية المؤقتة، وقد يصبح التلفزيون مصدراً لإثراء خبرات الطفل الحياتية فيما لو تحمَّل المسؤولون عن تخطيط برامجه بعض المسؤولية. ولعل نقطة الانطلاق الأساسية هي أن نحسَّ بأن هناك مخاطر ونبدأ بدراستها وبحث آثارها وسلبياتها وإيجابياتها، وهذا هو مفتاح القضية).
أحاديث في الاعلام
تغلي بالتذمر والسخط والحقد الأعمى..؟؟ حينئذٍ ، فإن الأمن لا يتحقق بكفاءة إلا إذا شعر الفقير بقدر معقول من التكافل الاجتماعي.. وبأن السلطة في المجتمع لا تسقطه.. ولا تبخسه.. ولا تظلمه).

 أحاديث في الاعلام

كيف صام سول الله صلى الله عليه وسلم (2-4)

محمد عبده يماني  

                                                   
الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الشهر المبارك العظيم ، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وشرع لنا صيامه ، وسن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – وعلمنا قيامه ، ولا ريب أن أفضل ما يفعله المؤمن في رمضان هو الاقتداء بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في هذا الشهر الكريم ، فإنه هو القدوة والأسوة ،وقد جعل الله تعالى طاعته واتباعه سبيل محبته ، ووصم من تولى عن طاعته وطاعة رسوله بصفة الكفر به فقال سبحانه : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم . قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين . "  ( آل عمران 31-32 )وسوف نطالع في هذه الحلقة جوانب من سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم - وكيف كان يصوم رمضان ويأمر بصيامه ، وكيف كان سحوره وإفطاره . يعد الصيام من أشق العبادات وأصعبها على النفس ، لشدة حاجة الإنسان إلى الطعام والشراب ،  وشدة ميله إلى قضاء الوطر من الأهل ، وهي من المباحات التي لا تثريب على المؤمن في إتيانها حلالا طيبا كلما أحس حاجة أو رغبة إلى ذلك ، وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون " وقال تعالى في إباحة إتيان الحلال  : " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله …" وقال في  بيان رفع الحرج عن الاستمتاع بالطيبات : " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة  الدنيا خالصة يوم القيامة .. " ولكن الإسلام يأخذ الإنسان بالرفق ، ويحبب إليه العمل الصالح ، ويعده عليه بالأجر العظيم ، حتى تنقلب المشقة إلى يسر ، والصعوبة إلى سهولة ، وحتى تصبح التضحية بالمال والنفس والشهوات  مما تطمح إليه النفوس المؤمنة ، وتؤثر الباقية على العاجلة ، وذلك من خلال منهج رباني حكيم ، يأخذ بيد الإنسان إلى تزكية نفسه وتطهيرها من رذائل البخل والجبن والركون إلى الدنيا ، والانشغال بزينتها وشهواتها ، مثل قوله تعالى : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب . قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ." ومثل قوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به .." ولما كان الصيام مما يشق على النفس جدا فقد وعد العزيز الحكيم عليه بالأجر العظيم ، كما رأينا ذلك في الحديث القدسي الكريم : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به .. ) وقد تعهد النبي – صلى الله عليه وسلم -  أهله وأصحابه بتزكيته الكريمة الحكيمة في أمر الصوم ،  كما رأينا في تتمة الحديث الشريف الذي جاء فيه : والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك .. الخ .. آخر الحديث الذي رأيناه في الحلقة السابقة ، ومن ذلك أيضا ما جاء في حديثه الآخر : ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا )    ( متفق عليه ) والأحاديث في الباب كثيرة معلومة ، وقد علمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – متى نبدأ الصيام ، وكيف نصوم ، وكيف نتسحر وعلام ، ومتى نفطر وكيف نفطر وعلام  ، في هدي كريم ، وسنة عملية سهلة ميسرة .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية حقة أو بشهادة شاهد واحد ، فإن لم تكن رؤية ولا شهادة أكمل عدة شعبان ثلاثين .ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشترط أن يراه بنفسه ، بل كان يقبل برؤية أي رجل من المسلمين سواء كان حاضراً أو بادياً .إن الدخول في رمضان يعني البدء بعبادة هي ركن من أركان الإسلام الخمسة ، ولا ينبغي بناء هذه الفريضة على الشك بل على اليقين الذي لا ريب فيه ، لذلك لم يكن عليه الصلاة والسلام يصوم أو يأمر بصوم إلا برؤية أو إكمال عدة شعبان ثلاثين ، وفي إكمال شعبان يقين بابتداء رمضان لأن الشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين ، فإذا أكمل شعبان تأكد دخول شهر رمضان ، وإن لم ير الهلال بسبب غيم أو عجاج فهو موجود لا محالة لأن الشهر لا يكون أكثر من ثلاثين .والرؤية أو إتمام شعبان بشرط من شروط صحة الصيام قال الله عز وجل : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه }  ، وقال عليه الصلاة والسلام : " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فاقدروا له ... "  وفي رواية ك " فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً".وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتشهد أن لا إله إلا الله " قال :نعم .فقال : " أتشهد أني رسول الله " قال : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً "  .وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي صلى الله وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بصيامه " .وهكذا نجده صلى الله عليه وسلم قد قبل بشهادة العدل الواحد في رؤية هلا شهر رمضان خاصة ، وذلك لأن هذه الشهادة داعية إلى عبادة فيرغب في المبادرة إليها تحقيقاً لحكمة الخالق في قوله تعالى : { وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون }   .أما في رؤية هلال شوال الذي يخرج الناس به من الصوم فلم يكن يقبل إلا شهادة عدلين ، وإلا أكمل رمضان ثلاثين يوماً .قال صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً "   .قد يسأل سائل لماذا يبدأ الصوم بشهادة واحد ، ولا يخرج منه إلا بشهادة اثنين ؟والجواب على ذلك أن شهادة الواحد لإثبات شهر رمضان يكفي لأن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين ، وفي قبول شهادة الواحد يكون مبادرة ومسارعة إلى الدخول في الطاعة ، وأما الخروج من الصيام إلى الفطر فإن خروج من الطاعة ، وهذا يقتضي التثبت والتشدد في قبول الخبر خشية الوقوع في النقص حال تمام الشهر .وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الشهر يكون تسعاً وعشرين كما يكون ثلاثين ، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا ، وهكذا ،  وهكذا ، وعقد بالإبهام في الثالثة ، والشهر هكذا ، وهكذا، وهكذا ، يعني تمام الثلاثين "  .وإذا جاء الشهر تسعاً وعشرين ، فهو ليس بناقص في الفضيلة والثواب ، لأن ابتداء الشهر وانتهاءه إنما يكون بتقدير من الله عز وجل ، لا دخل فيه لأحد ، قال الله تعالى :{ والقمر قدرناره منازل حتى عاد كالعرجون القديم }  ، وهذه المنازل تكون تسعاً وعشرين ويكون الشهر تاماً وتكون ثلاثين ويكون الشهر تاماً أيضاً ، فإذا رؤي هلال رمضان ثم هلال شوال ولم يكن بينهما إلا تسع وعشرين فقد اكتمل الشهر من حيث العدد ومن حيث الأجر أيضاً ، وذلك لما ورد في الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله قال : " شهران لا ينقصان شهرا عيد ، رمضان وذو الحجة "  ، أي لا ينقص فيهما الأجر وإن جاءا تسعاً وعشرين ، لأن الشهر يكتمل بهذا العدد مثلما يكتمل لو جاءا ثلاثين وذلك لأن الله هو الذي يثيب على هذه الأعمال وهو خالق الأكوان .
وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلة السحور ، ووقتها السحر ، وهي الساعة التي تسبق طلوع الفجر ، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأكلة الغداء المبارك . عن عائشة رضي الله عنها قالت : : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قربي الينا الغداء المبارك . يعني السحور ، وربما لم يكن إلا تمرين " .وكان يحث على السحور ويرغب فيه . عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى عليه وسلم قال : " تسحروا فإن في السحور بركة " .وروى النسائي بسند صحيح إلى رجل من الصحابة قال : " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال : إنها بركة أعطاكم الله إياها فلا تدعوه " . وسر البركة في هذه الأكلة أنها تكون ساعة تنزل الرحمات ، ساعة التبتل والاستغفار ، إنها أكلة في غير وقت اشتهاء الطعام والتلذذ به ، يبتغي بها الصائم الاستعانة على طاعة الله في فريضة الصيام ، ويقوية البدن على أداء ما عليه من واجبات السعي والعمل وطلب المعاش ، والمحافظة على قوة المسلمين أفراداً وجماعات ، ويزيد في بركة هذه الأكلة أنها خاصة بهذه الأمة ورحمة بها من الله عز وجل ، فقد صام أهل الكتاب ولم يكن لهم سحور ، فعن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال :" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكله السحور " .وكان صلى الله عليه وسلم يحب التمر في السحور : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  : " نعم سحور المؤمن التمر " .وليست العبرة في السحور بكثرة الطعام ، بل تحصل الفضيلة والسنة بالقليل ولو كان تمرتين كما مر من حديث عائشة رضي الله عنها .وفي حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أراد أن يصوم فليتسحر بشي"  .وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السحور أكلة بركة فلا تدعوه ولو أن يتجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين " .وصلاة الله عز وجل رحمة وسكينة ورضوان تتنزل على قلوب عباده المؤمنين ، وصلاة الملائكة دعاء بالرحمة والمغفرة والنجاة من النار ودخول الجنة . فأكرم بها من صلوات من رب رحيم وأعظم بها من دعوات من الملائكة الكرام المقربين .
وقت سحور صلى الله عليه وسلم :من السنة تأخير السحور وتعجيل الفطور : عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا افطر "  . وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت أتسحر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .وعن بلال رضي الله عنه قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أؤذنه بالصلاة وهو يريد الصيام فدعا بقدح ، فشرب وسقاني ، ثم خرج إلى المسجد للصلاة فقام يصلي بعد وضوء يريد الصوم  .وعن عائشة رضي الله عنها قال أبو أحمد : إن بلالاً كان يؤذن بليل فقال رسول الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يطلع الفجر " ، قال القاسم ولم يكن بينهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا " .وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال : أصبحت أصحبت   .وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : تسحرنا مع رسول الله عليه وسلم ، ثم قمنا للصلاة . قال أنس كم بينهما ؟ قال : قدر خمسين آية "  . وهذا محمول على ما بين الإمساك وإقامة الصلاة لأن الإمساك يكون مع الفجر أو قبيله ، أما الصلاة فتؤخر قدر ما يقرأ القارئ خمسين آية . وقد بينت الآية وقت الإمساك بياناً واضحاً ، فقال تعالى { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل .. }  .كما بينت مدة الإفطار والتمتع المباح فيما ينطبق عليه اسم الليل لأن ( حتى ومتى ) حرفا غاية للتبيين ولا يحصل التبيين إلا بالوضوح والظهور ، ويتحقق هذا وقت طلوع الفجر كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بياناً شافياً ، فقال رواه سمرة بن جندب : "لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض لعمود الصبح حتى يستطيل " .وأخرج البخاري عن عدي بن حاتم قال : " قلت يا رسول الله ، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، أهما الخيطان ؟ قال : إنك لعريض القفا   إن أبصرت الخيطين ، ثم قال : لا بل سواد الليل وبياض النهار " .وفي حديث سهل بن سعد قال : " أنزلت { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأبيض من الخيط الأسود } ولم ينزل ( من الفجر ) فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما ، فأنزل الله بعد {من الفجر } فعلموا أنه يعني الليل والنهار " ومن ذلك نعلم أنه من أكل وشرب لأنه لم يتيقن من طلوع الفجر الصادق صحيح لأن طلوع الفجر هو نهاية الأكل والشرب ، والفجر الصادق هو المستطيل الذي عارض الأفق .ومما ينبغي التنبيه إليه أن الفجر لا يعرف في اليالي المقمرة ولا في المدن المضاءة بالكهرباء، وإنما يظهر انتشاره في الليالي المظلمة ، والأماكن الخالية من الأنوار ، وبذلك يكون الإمساك على آذان الفجر المحدد في مواقيت الصلاة هو الذي يعول عليه في معرفة الفجر والإمساك عن المفطرات ، لأنه كان في بلد غير مذكور في مواقيت الصلاة ، أو بادية بعيدة فلا بد من النظر في ألأفق ومراقبة الفجر ، فلا يؤذن المؤذن ، ولا يمسك من يسمع الآذان حتى يظهر الفجر الصادق .وينبغي عدم التشدد في موضوع الإمساك قبل الفجر بوقت طويل ، وإيهام الناس أنه لا يصح أن يتناول الإنسان أي طعام بعد مدفع السحور ، أو بعد الآذان الأول لأن العبرة بطلوع الفجر الصادق حسب الوقت الذي حدد له ، وقد يتوهم بعض الناس أن الأكل والشرب يحرم بسماع آذان الإمساك أو مدفع الإمساك فيمسك أكثر الناس معتقدين أن الأكل والشرب بعدهما يبطل الصيام ، مع أن في الوقت فسحة تكفي لتناول وجبة سحور خفيفة ، وزيادة ، وكثيراً ما يستيقظ بعض الصائمين في هذا الوقت فيمتنعون عن السحور ، مع أن هذا الوقت من أفضل أوقات السحور ،وفي هذا تعطيل للسنة التي تدعو إلى تأخير السحور ، وتحريم لما أحل الله ، والتحريم لا يكون إلا من الله عز وجل كما أن فيه مخالفة صريحة لنص الآية الكريمة : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر }  ، ومخالفة للتفسير الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الآية في الأحاديث الكثيرة التي أوردنا بعضها فيما سبق .وفي هذا المعنى جاء في المصنف عن عبد الرزاق عن حيكم بن جابر قال : جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال : الصلاة يا رسول الله ، قال : فثبت كما هو يأكل ثم أتاه فقال : الصلاة . وهو في حاله ثم أتاه الثالثة ، فقال الصلاة يارسول الله قد والله أصبحت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله بلالاً لولا بلال لرجونا أن يرخص لنا حتى تطلع الشمس " .أما أن يفرغ الصائم من سحوره قبل عشرة دقائق أو أكثر أو أقل فلا مانع من ذلك ما دام يعتقد بحل المفطرات حتى يطلع الفجر ، وكذلك لو أمسك قبل الفجر بوقت قليل ـ دقيقة أو دقيقتين ـ احتياطاً عن الدخول في المحظور فلا ما نع ، بل ربما كان أفضل واتقى لله في فهم قوله تعالى : { تلك حدود الله فلا تقربوها }   ، والله تعالى أعلم . في تبييته للنية قبل الفجر :علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل عبادة نية ، وأنه لا يصح عمل من الأعمال التعبدية بغير نية ، للحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه "  .وقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم النية للصيام . عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يجمع   الصيام قبل الفجر فلا صيام له " .وعن أم سلمة : " لاصيام لمن لم يفرضه من الليل "  ، وفي رواية : " من لم يبيته بليل " .وقد اتفق الأئمة والعلماء على وجوب تبييت النيية في الصيام لهذه الأحاديث ، وأجاز أبو حنيفة النية بع دالفجر ، واحتج بحديث الربيع بنت معوذ قالت : " أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائماً فليتم صومه ، وكان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه " ، واشترط الإمام أبو حنيفة لصحة نية النهار أن لا يكون قد أكل أو شرب قبلها وخالفه الجمهور .وقال الجمهور لا بد من النية لكل يوم ، لأن كل يوم عبادة مستقلة وقالت المالكية تكفي نية واحدة لكل رمضان ، ولكل صوم متتابع ، ويبدأ وقت النية من بعد الغروب إلى طلوع الفجر ، ولا يضر الأكل بعدها ، ولا يجب التلفظ بها لأن موضع النية القلب ، وعلى ذلك فإن من أكل وشرب بنية السحور والإمساك كان أكله وشربه نية ، ومن استيقظ قبل الفجر بنية السحور فاستيقاظه نية ، ومن نام عازماً على القيام للسحور فعزمه نية ، ومن استعان بالمنبه وحدد وقت يقظته به فعمله نية صحيحة ، ومن قال لأحد من أهله أو جيرانه أيقظني وقت السحور فقوله نية صحيحة ، وينعقد الصوم بآية واحدة مما ذكر إن شاء الله . وربما حاك في الخاطر سؤال : ما حكم من استيقظ بعد الفجر فعلم أن اليوم رمضان فنوى الصيام ؟ أو كان خارج البلد فدخل فوجد الناس صياماً بشهود فنوى الصيام ؟ لا شك أن صيامه صحيح إن شاء الله ، ولو لم يبيت النية استناداً إلى حديث الربيع بنت معوذ الآنف الذكر ، ولأن المسلم ملتزم بصيام رمضان ، ومترقب دخول الشهر ، وناوٍ صيامه قبل حوله فيكفيه هذا من نيته ، كما أن استيقاظه بعد الفجر كان بغير قصده ، وقد كان في وقت النية قبل الفجر نائماً ، والنائم مرفوع عنه التكليف بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاثة : النائم حتى يستيقظ ، وعن المبتلى حتى يبرأ ، وعن الصبي حتى يكبر " .فيكون غير مكلف بالنية في وقتها ، وتكفيه النية وقت علمه بدخول الشهر ، ويكون ذلك وقتها ، كما أن من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها ، وبذلك تكون صحيحة إن شاء الله .وكذلك من دخل بلداً بعد الفجر فعلم بدخول الشهر ، فإنه يمسك ، وصيامه صحيح ، لأنه لم يحصل له علم قبل الفجر ، ولو علم لنوى ، فنيته صحيحة ، وصامه صحيح إن شاء الله ولا قضاء عليه .ويقوي هذا أن النية في النهار صحيحة في صيام النافلة ، لحديث عائشة رضي الله عنها :"أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ قلنا : لا . قال فإني إذاً صائم " .وقد جوز الإمام أبو حنيفة نية النهار في صيام رمضان بناء على حديث الربيع بنت معوذ في صيام عاشوراء ، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله ، واشترط النهار أن لا يكون قد أكل أو شرب قبلها ، وخالفه الجمهور .أما من علم بدخول الشهر بعد الفجر وبعد الأكل والشرب فصيامه غير صحيح ويجب عليه الإمساك بقية النهار حرمة للشهر ، ثم يقضي ذلك اليوم .
وعن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يحب ان يفطر على ثلاث تمرات او شيء لم تصبه النار )
وعنه أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يفطر على لبن وعلى تمر العجوة) 
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر حتى يعلم يقيناً بغروب الشمس فإذا علم ذلك بادر إلى الفطر .وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس فقد أفطر الصائم "  .وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر .. إن اليهود والنصارى يؤخرون " .ولم يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأخر عن الفطر أو يتباطأ عنه بعد أن يتحقق من غروب الشمس الذي به يبدأ الليل ، فعن عبد الله بن أبي أوفي ـ رضي الله عنه ـ قال : "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر حتى أمسى .. . قال لرجل : " انزل فاجدح لي " قال : يا رسول الله لو انتظرت حتى تمسي ؟ قال : " انزل فاجدح لي . .. قال : إذا رأيت الليل أقبل من ها هنا أفطر الصائم " .وفي رواية : " إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم  . ومعنى ( فقد أفطر الصائم ) أصبح في حكم المفطر وإن لم يأكل . وهذا تعليم للأمة أن تسرع إلى الفطر بعد التحقق من اكتمال الغروب ، ولا فضيلة في تأخري الإفطار بل هو مخالف لهدية صلى الله عليه وسلم .وفي الحديث القدسي : إن أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً " ، لذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يعجلون الفطر الفطر ويؤخرون السحور ، وقد مر بنا ما سئلت عنه السيدة عائشة في رجلين أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة ، فسألت أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة . قيل : هو عبد الله بن مسعود . قالت : كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع  . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال أمتي بخير ما عجلوا في الفطر وأخروا السحور "  . وبذلك نرى أن التعجيل في الفطر موافق لهدية صلى الله عليه وسلم وموجب لمحبة الله عز وجل لعباده ، وهو الذي تعبدنا بالصوم ، وقد دعانا إلى التعجيل في الفطر في أول وقته بعد أن أتم الصائمون صيامهم ، وأدوا لله ما أوجب عليهم ، وأخطأ من اعتقد أن من الأحوط والأحسن تأخير الإفطار حتى تظهر النجوم في السماء كما يفعل أهل الكتاب ، ومن ظن أن تقديم الصلاة على الإفطار أفضل ، خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ورغب عن سنته .وفي تعجيل الفطر وتقديمه على الصلاة تقصير لأمد الجوع ، ودليل على رحمة الله تعالى بعباده ن وعظيم إكرامه لهم ، فالذي تعبدهم بالصيام دعاهم إلى التعجيل في الفطر وقد اجتمعوا على الطعام والشراب وتاقت إليه أنفسهم . وتعجيل الفطر يفضي إلى المبادرة إلى الصلاة وأدائها في أفضل أوقاتها .وأما الصلاة قبل الإفطار فهو أمر مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، يؤدي إلى الانشغال عن الصلاة ويذهب بالخشوع ، ولا يقتصر ذلك الإفطار في رمضان قبل الصلاة بل يشمل كل صلاة يحضر معها طعام فيقدم الطعام على الصلاة اتباعاً لسنته عليه الصلاة والسلام . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان " وعنها أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء " رواه مسلم وأحمد . قال الخطابي إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه ، فيدخل المصلي في صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوة الطعام فيعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها . وقد كان عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما إذا وضع له الطعام أكل ، فإذ سمع الإقامة أتم طعامه ولم يقم إلى الصلاة حتى يستوفي حاجته ثم يصلي .
عليك افضل الصلاة والسلام ياسيدي يارسول الله ،،



الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب