شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية |
|
|
|
|
حسبي الله على فئات ظهرت في هذا العصر تزعم ان القرآن وحده يكفي المسلمين في شئون دينهم ودنياهم، أما السنة فهي موضع شك عندهم وحجتهم ان السنة لم تكتب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وانها قد دخلها من الاحاديث الموضوعة ، وهم بذلك يدعون الى الشك فيها ، واتهام ائمة الحديث بالغفلة والتساهل متناسيين ان علم الحديث علم دقيق قد حدد صحة ودرجة كل حديث ولو كان عند هؤلاء ذرة من حياء لسمعوا قول الله تعالى الذي شهد لسيدنا محمد : { وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }   تأدبوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
|
الملك سعود وآل الشيبي ومقام إبراهيم
د. محمد عبده يماني
نعود اليوم الى زاوية نائب الحرم بعد زيارة قصيرة لدكة الأغوات، وبعد أن حصلنا من (الباب العالي على كامل الأذونات بأن نرجع للكتابات بدون عتابات)، وقد كانت هذه العبارات تستخدم أيام الحكم العثماني ويقال: (جاءنا من الباب العالي) ولهذا فإان الحلقات القادمة ستكون تكملة لما سبق. وهذه قصة أرويها لجلالة الملك سعود رحمه الله يوم كان في مكة المكرمة، وكان قد أمر بتوسعة جوانب من الحرم المكي الشريف، وكان قد اهتم اهتماما كبيرا بهذا المشروع وسرعة تنفيذه، لأن الحجاج زادت أعدادهم ولم يعد الحرم يتسع لهم في الصلاة، وتم بالفعل البدء في المشروع، وكان من ضمن الأراضي التي نزعت لصالح المشروع بيت لآل الشيبي، وهم سدنة الكعبة الشريفة، وكانت تسكن في هذا المنزل سيدة فاضلة كبيرة في السن منهم وعرفت بوقارها وهيبتها واحترامها، وبعد أن صدر الأمر انتظرت التعويض لتشتري بيتا آخر، فتأخرت اجراءات التعويض فضاقت بالأمر، وفي يوم من تلك الأيام قام معالي صديقنا السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم بزيارتها، فهم على علاقة كبيرة كأسرتين معروفتين في مكة، أحداهما اختصها الله بسدانة البيت، والأخرى كانت أسرة نائب الحرم، فشكت إليه تأخر التعويض، وكانت غاضبة شديد الغضب، وقالت: (يعني إحنا نسكن في الزقاق، ثروتنا هو بيتنا وما أعطونا تعويضات) فحاول السيد أن يهدىء من روعها ويفهمها بتأخر بعض الإجراءات، ولكنها لم توافق وقالت له سأكتب برقية لملك البلاد، وأخبره أن بيت الشيبي يسكنون في الزقاق، وخرج من عندها معالي السيد وهو يحاول أن يهديء من روعها، وذهب إلى رجل من كبار آل الشيبي في ذلك الوقت وهو السيد عاصم شيبي، وهو من المحاميين، وطلب منه أن يساهم معه في التهدئة من روعها، وإذا به يفاجأ بإطلاعه على برقية بعثها لجلالة الملك سعود وفيها نص طويل يقول فيه: (باسم السيدة صاحبة المنزل إلى جلالة الملك سعود نخبر جلالتكم بأنه في عهدكم الميمون آل الشيبي يسكنون في الزقاق). وشعر السيد بحرج لأن البرقية قد أرسلت وأسرع إلى الديوان لتهدئة الأمر ومتابعة التعويض، فلقيه رجل من رجال الديوان وهو الشيخ صالح العباد رحمه الله، وكان رئيس الديوان في ذلك الوقت، فحاول السيد وهو يسلم عليه أن يدخل للموضوع في هدوء، وإذا به يفاجأ بأن الشيخ صالح العباد يخبره بأمر البرقية وأنها قد عرضت على جلالة الملك وأمر رحمه الله بشراء بيت لهم في الحال وإسكانهم فيه، كما أمر بإعطائهم كامل التعويض، ونبه بسرعة الإجراءات، وأن يطمئنوا صاحبة البرقية باهتمامه بطلبها، وتقديره واحترامه لسدنة الكعبة المشرفة. هكذا انحلت المشكلة، وفرحت السيدة واستلمت تعويضها وسكنت في بيتها الجديد، وجاء هذا الموقف معبرا عن كيفية عطف هذا الملك الإنسان وحرصه على جبر خاطر هذه المواطنة واعطائها حقها ولم يغضب من البرقية بل حرص على طمأنتها. وهناك موقف آخر يذكر لجلالة الملك سعود رحمه الله، فقد شكا إليه الناس وجود مقام إبراهيم في وسط الطواف، وإنه بمبناه أصبح يعوق الطائفين بعد أن زادت الأعداد وخاصة في مواسم الحج والعمرة وفي رمضان، ولهذا فقد استشار العلماء في أن ينقل المقام إلى الخلف بجوار الرواق، وعملت الترتيبات لذلك، وصدر الأمر للمعلم محمد بن لادن ببناء مقام آخر في الخلف، ونقل المقام. بعد فترة حضر فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله، وعندما رأى المقام الجديد، وسمع عن ترتيبات النقل لم يوافق على ذلك الإجراء، وأخبر أمام الحرم وبعض العلماء الذين كانوا معه يوم كان يدرّس في مكة في المعهد العلمي السعودي، وكان من تلاميذه معالي الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله، وقرر الشيخ الشعراوي أن يخبر جلالة الملك سعود بعدم جواز نقل المقام إلى الخلف، وإنما يمكن تخفيف المبنى وهدم الإضافات وإبقاء مكان المقام دون نقل كما هو الآن، وقال الشيخ الشعراوي في برقية: ياجلالة الملك سعود لايصح نقل مقام إبراهيم من مكانه لأنه مكان ومكين أي أن مكان المقام محدد والحجر الذي كان يصعد عليه أبونا إبراهيم عليه السلام محدد أيضا، ولا يصح نقله إلى الخلف، وروى له قصة سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء سيل في الحرم وأزاح الحجر من مكانه وهو سيل (أم نهشل) فحرص سيدنا عمر على أن يعيده في نفس مكانه دون تغيير أو تبديل، وكان هناك من الصحابة من سبق أن قاس المسافات التي بين الكعبة وبين موقع المقام، وهو المطلب إبن أبي وداعة السهمي وهي مذكورة في كتب السيرة، وحرص سيدنا عمر على إعادة الحجر إلى مكانه وإبقاء المقام كما كان، وبعد أن قرأ الملك سعود رحمه الله برقية الشيخ الشعراوي وتدارس الأمر مع العلماء تم إصدار أمره بإبقاء المقام في مكانه كما هو عليه اليوم، وهدم المبنى الذي بُني في الخلف، وقد تلقى رحمه الله الكثير من التأييد من العالم الإسلامي على هذه الخطوة التي دلت على حرصه وعنايته بإبقاء كل شيء على ما كان عليه، وأن لا يتم التصرف في أي أثر أو موقع إلا وفق ما أمر به الله عز وجل، وجاءنا على لسان وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رحم الله الملك سعود وتغمده بمغفرته فقد كان رجلا له قلب كبير، ويد كريمة وهو بجوار ربه اليوم نسأله له الرحمة والغفران. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل،،
|
|