شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

إننا في عصر تخصص ، والاسلام بطبيعته نظام كامل للحياة ويجب ان يتوقف شعار تطوير الدين الاسلامي وشعار اننا في حاجة الى  اسلام عصري ، فالذي نحن بحاجة اليه في  الحقيقة هو ان نطور انفسنا ونقوي ايماننا ونوسع معلوماتنا لفهم الدين الاسلامي ولسنا بحاجة الى اسلام عصري وانما في حاجة الى فهم عصري للدين الاسلامي.

 المسلمون والتطور في علوم الفضاء

عبد الله الجفري  ورومانسية الرحيل 

د. محمد عبده يماني

رحل الصديق العزيز ورفيق العمر العزيز شيخ الرومانسيين الاستاذ عبدالله عبد الرحمن الجفري .. رحل بهدوء وبلا ضجيج .. بعد معاناة وصبر واحتساب .. وقد كان كل ما فيه أدييب .. منطقه فيه أدب .. وخلقه فيه أدب .. وحديثه فيه أدب .. وكتاباته ورواياته بل وكل تعاملاته فيها أدب ينم عن أصل هذا الانسان الكريم .. والسيد الحبيب إبن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد أكرمني الله أن أكون على مقربة منه في مراحل معاناته الأخيرة .. ورأيته صابرا محتسبا متشوقا للقاء ربه .. وتذكرت وأنا اشد على يده قول الله عزوجل الذي يؤدبنا ويعلمنا أن هذه العترة الطاهرة يوليها رعاية وعناية يطهرهم بها : { إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا }.
وكم تعلمنا أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدا أكرمه وطهره وامتحنه ثم أثقل عليه في سكرات الموت حتى إذا جاء إليه جاء كيوم ولدته أمه رحمة من ربه وتطهيرا له.
ولقد ذرفنا الدمع ونحن نودعه إلى مثواه الأخير ، بجوار جدته الحبيبة رضي الله عنها وأرضاها في مقابر المعلاة، وأحسسنا بألم، ولكننا تذكرنا أن ما عند الله هو خير وأبقى، وسلمت على الأولاد الأعزاء وجدي ونضال وإياد ، وسألت الله أن يجعلهم خير خلف لوالدهم هم وإخواتهم العزيزات زين والجوهرة والعنود، وهذه السيدة الفاضلة أم وجدي التي ركعت بجواره وواسته وخففت عنه حتى اللحظات الأخيرة.
ثم إلتفتت إلى أصدقاء العمر  الذين كانوا معنا في جنبات الحرم المكي الشريف ونحن ننهل العلم الأدب في حصاوي الحرم وعلى يد أساتذة كرام في مدارس الفلاح والرحمانية وتذكرت جولاتنا بين حارة الباب والشبيكة وسوق الليل والشامية وقهوة عبد الحي في المسفلة، وكيف كنا نتتلمذ على يد أولئك الأدباء الشوامخ الذين تعلمنا منهم الأدب قبل كل شيء، وتوجهت إلى الله أسأله الرحمة والغفران لهذا الانسان الذي أشهد أنه كان من الرحماء، ومن المؤمنين بحق اللإنسان وحقوقه ومن الذين عبروا عن ذلك، وقد دفع ثمن كل ذلك، وتعب وقسى عليه الزمن، ولكنه انتصر أخيرا عندما حقق آماله وأصبح رمزا أدبيا من رموز هذه البلاد، وشيخا للرومانسية والأدب، وكان سعيدا وهو يتلقى رسائل التقدير والإعجاب من خارج المملكة وداخلها ويسارع بإطلاعنا عليها لنشاركه الفرحة.
كان سيدنا حبيب إلى النفس، حبيب الى القلب، كل ما فيه حبيب، وكل ما فيه أديب، ولكنه صاحب قلم صلب لم ينكسر، ولم يحني رأسه أبدا حتى عندما عدت عليه عاديات الزمان ظل شامخا كما قال صديق العمر الأستاذ محمد باخطمة: " رجل لا يقبل أنصاف الحلول" فقد كان ممن يعتزون بآرائهم ويفتخرون بنسبهم، ويدافعون عن كرامتهم، فظل شريفا أبيا.
لقد بدأ بنفسه فأدبها ، ثم بأسرته فعلمها وحن عليهم جميعا وأدبهم بنين وبنات، وكانت لهم جميعا صولات حب في نفسه وإن تربعت زين في بعض الأحيان أو برز وجدي في أحيان أخرى ولكن الجميع ذاقوا حلاوة حب الأبوة فأدبهم وأحسن تأديبهم.
كان وفيا معه أصدقائه وكان له قلب يتسع لحب الناس، يشاركهم في كل شيء ويفرح بهم ويفرح لهم.
وقد زرته في مراحل صراعه الأخير مع المرض، وكان معي الصديق الأستاذ محمد جوهرجي الذي سماه رحمه الله (موهوب) والأستاذ أحمد شوقي آشي الذي كان يفرح بلقائه، والشاعر الدكتور عبد العزيز خوجة الذي خلع عليه ـ رحمه الله ـ " شاعر الصهيل الحزين " فجاءت المقدمة التي قدم بها ديوان الدكتور عبد العزيز خوجة من أجمل ما قرأت، وكانت فرحة الدكتور عبد العزيز بها كبيرة فقد كان يقدمها للناس قبل أن يقدم ديوانه إعتزازا بها، وكان يأنس بنا ونحس ونحن نزوره بأنه رجل قوي بإيمانه وثقته في أن يلقى الله وهو عليه راض إن شاء الله.
وقد زرته يوما بمفردي مصطحبا معي طبيبا مختصا في المرض الذي كان يعاني منه وكان من الزملاء الذين عرفتهم خارج المملكة وقدمته له وطلب أن يطلع على التقارير، فكان طبيبه المعالج كريما وأطلعه على كل التقارير، وبعد إطلاعه على تلك التقارير تحدث الى السيد عبد الله رحمه الله فإذا بنا تفاجأ بأن السيد كان يتحدث إلى الطبيب بصورة رومانسية عجيبة وهو يضحك ويقول: أنا يادكتور أحمد الله على ما أنا فيه، وأسأله الشفاء، وشكرا لزيارتك، ولابد أن نتذكر أن هناك الكثيرين من المرضى مثلي في شتى بقاع العالم ومنهم من لايجد الدواء أو المكان الذي يأويه أو الإنسان الذي يعتني به، أو بصيص الأمل في شفاء، وأنا والحمد لله أنعم بكل هذا مع أسرتي وأولادي وأصدقائي الذين هم من حولي، وقد كان المرض فرصة لي لأشكر الله على الصحة، وما هيأ لي من مناخ فيه عبير وعبق هذا الحب الذي تراه فأستنشق رائحة هذا الحب فأنتعش وأتلمسه فأبتهج أنها يادكتور لحظات إمتحان، ولكن فيها متعة الإحساس بشكر الله ولطفه وأخذ السيد يسترسل وحرصت أن أسجل ما استطعت، فإذا بالرجل يخرج إلى خارج الغرفة وظننت أنه تأثر من كلام السيد أو أنه ظن أن السيد لا يرغب في علاجه، فخرجت خلفه فوجدته يذرف الدمع فقلت: ما هذا يا دكتور!!قال: هذا الرجل يتكلم بلغة المؤمن وفي متعة لم أشاهدها في مريض فحصته من قبل.!فأرخيت برأسي وأنا أقول: إنها رومانسية رحيل.. هذا الرجل رومانسي حتى في رحيله.وكانت إرادة الله وكان قدره وقضاؤه، فغدونا لاحول لنا ولاقوة إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وأنا إليه راجعون.
اللهم أكرم عبدك عبد الله جفري وارحمه وأن تؤنس وحدته في قبره، وتخلفه خيرا في أهله وولده.. اللهم ارحمه فقد كتبت على نفسك الرحمة يارب العالمين. وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب