شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه دليل على صدق الإيمان بالله ورسوله، وثمرة من ثمرات حب الله ورسوله وخلق أصيل تطبع به أرواح المؤمنين بهذا النبي الذي ختم الله به أنبياءه ورسله، وجعل رسالته للناس كافة إلى يوم الدين، وفضله على سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى خلقه أجمعين

 تأدبوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

حوار الفاتيكان 

محمد عبده يماني 

فرحت بالإقبال الذي لقيته مقالتي عن زاوية السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم، وأدركت مقدار الإحترام الذي يكنه الناس لهذا الرجل، ولهذا سأحاول أن أواصل بين وقت وآخر الحديث عن هذه الزاوية والتطرق للقطات تاريخية لا بد أن يعرفها الناس، ومن أهم ما أريد أن ألقي الضوء عليه هو هذا الحوار الإسلامي المسيحي الذي كان الملك عبد الله بن عبد العزيز واعيا ومهتما به، وكان جريئا في التصدي له وفي التعبير عنه، وقد أفردت لهذا حديثا خاصا نشر في جريدة عكاظ يوم السبت الماضي، ولكني هنا أود أن أقول إن الذي بدأ هذا الحوار مع الفاتيكان بصورة واقعية، وخطط له وتابعه بنفسه هو الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، وكان ذلك على إثر حركة ذكية من الملك فيصل عندما استفاد من لقاء يوم السابع من ذي الحجة الذي تعود أن يلقي فيه كلمة لرؤساء وفود الحجاج وركز على القضية الفلسطينية وأهمية تحقيق العدالة وإرجاع الفلسطينيين إلى بلادهم ووطنهم، وناشد بعبارات ذكية الفاتيكان حيث قال: "إنني أناشد حاضرة الفاتيكان لتمد يدها وتعين على تحقيق العدالة للقضية الفلسطينية " وقد أدت هذه العبارات دورها، وقدّرها الفاتيكان وأعتبرها بادرة خير لحوار مع ملك عرف باحترامه ووقاره.

ومركزه في الدول الإسلامية خاصة وفي العالم أجمع، فقاموا ببعث تهنئة بمناسبة عيد الأضحى للملك بتوقيع البابا بولس السادس عشر بعد نزول الناس من عرفة في ذلك اليوم العظيم، وكانت رسالة محترمة وواعية، وفيها دعوة صريحة للحوار فقدرها الملك فيصل وحفظها في نفسه، ثم أخذ يخطط بصورة هادئة وواعية للرد على هذه التحية على الأقل بمثلها، أو بخير منها، وكان حينها معالي الدكتور معروف الدواليبي مستشارا في الديوان الملكي، وكان على معرفة بالملك فيصل منذ أن كان سفيرا لسوريا في باريس، وكان الملك فيصل يتردد على باريس للإجتماعات واللقاءات المختلفة، فتوثقت العلاقة بينهما، ثم استضافه في المملكة واهتم به، وعينه مستشارا في الديوان الملكي، وتولى الدكتور معروف الدواليبي تنفيذ برنامج اللقاء مع البابا حسب توجيه الملك فيصل، ثم ذهب إلى باريس وإلى روما، وكان معه سفير المملكة العربية السعودية معالي الشيخ أحمد عبد الجبار،  وبدأت الإتصالات، وكان الملك يتابعها، وتم إختيار وفد إختاره الملك فيصل بنفسه، وجعل الشيخ محمد الحركان رئيسا له ومعه الشيخ محمد بن جبير،  والشيخ راشد بن خنين، والشيخ عبد العزيز المسند،، والسيد فضل عقيل، وكان مسؤولا عن مكتب الشيخ الحركان، وأسعدني أن تم إختياري للمشاركة في هذا الوفد، فقد كسبت فيه كثير من العلاقات، وتعلمت الشيء الكثير، فقد كان موضوعا جادا وهاما وحساسا، وكان الملك فيصل رحمه الله يتابعه.

وكان الشيخ الحركان من العلماء الذين عُرفوا بالعلم والفضل والخلق الحسن والقدرة على العطاء والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولست هنا في مجال الحديث عن تفاصيل ما جرى في هذا الحوار، لأنني إن شاء الله سوف أفرد له أحاديث أخرى، ولكنني أردت أن أقول أن السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم ورئيس الزاوية التي نجتمع فيها عنده بدون إنتخاب وبدون تصويت يكتنز الكثير من المعلومات والإسرار عن هذا اللقاء الذي كان من أعظم اللقاءات التي تمت، وجاءت نتائجه طيبة، فقد تحقق ما كنا نأمل إليه من هذا الحوار قبل تحرك الوفد للذهاب إلى روما وإلى باريس حيث استقبلنا الأخ يحيى القرملي وكان ينوب عن معالي السفير في باريس وكذلك بعد ذهابنا إلى ستراتسبورج، ولاشك أن من ينظر بعمق إلى هذا اللقاء يدرك أنه جاء كخطوة موفقة، وفتح الطريق لحوار مستقبلي، وشاء الله أن تتواصل الحوارات إلى أن جاء الملك عبد الله بن عبد العزيز وأقدم على هذه الخطوة الموفقة بزيارة الفاتيكان، وإلقاء كلمة رائعة عن الإسلام والمسلمين، وعن سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وإن الإسلام يحترم كل الأديان، وأن التعاون بين الأديان مطلوب، فكانت في رأيي خطوة موفقة، ورحم الله الملك فيصل فقد فتح صدره، وتحمل الكثير من النقد الذي وجه إليه في تلك الأيام إلى أن استوعب الناس أهداف وأبعاد ذلك اللقاء والحوار الذي تم وأهميته، وسبحان الموفق وفوق كل ذي علم عليم.

رحم الله الملك فيصل وتغمده بواسع مغفرته ورضوانه، ورحم مشايخنا الذين شاركوا في اللقاء: الشيخ محمد الحركان، والشيخ محمد بن جبير، والشيخ عبدالعزيز المسند وكل الذين رحلوا إلى جواره واللهم ارحمنا اذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل،،

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب