شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية |
|
|
|
|
الى كل اولئك الذين ينظرون بعمق لمستقبل الأمة ، واولئك الذين ينظرون بوعي ومسؤولية ويتحسبون لأبعاد المرحلة القادمة ، والى شباب الأمة بنين وبنات ، لقد اصبحت قضية توطين الوظائف قضيتنا جميعا ، وغدت مسؤولية مشتركة تقود الى مصلحة الأمة ككل ، ولابد ان نتحرك جميعا وفي اتجاه واحد وبروح واحدة وعمل مشترك لنبلغ الهدف المنشود من السعودة   السعودة وجها لوجه
|
ما أروع دروس الهجرة
محمد عبده يماني
وكانت الهجرة النبوية هي الحدث العظيم الثاني في مسيرة الأمة الإسلامية بعد نزول القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء، ومن هنا فمن الواجب أن نعنى بهذه المناسبة الطيبة، وأن نتحدث عنها، وأن نعلمها لأولادنا ونربطهم بهذه الهجرة النبوية الشريفة لأن فيها دروس عظيمة علمها الله سبحانه وتعالى لنا وجعلها واضحة جلية، وإنها إنما تمت بأمر الله وطاعته الله، ولطف الله، وحفظ الله عز وجل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو قدوة هذه الأمة وأسوتها وجاء القرآن صريحا واضحا: {لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}. وعندما ننظر بعمق أكبر للهجرة فإننا نتعلم تلك الدروس العظيمة من صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل الأذايا والرزايا، واحتسابه مع كل ما كان يلقاه، لكنه ظل صابرا محتسبا لم يتحرك إلا بإذن الله وخاصة عندما اشتد البلاء وقست قريش وتآمرت عليه، وأحاطت به من كل جانب، وحل عام الحزن، ورحل الرجل الذي كان يقف خلفه ويحميه ويعضده ويأويه في شهامة ونبل وهو عمه أبو طالب ثم رحلت السيدة الكريمة والزوجة الإنسانة أم المؤمنين زوج المصطفى سيدتنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها فكان عام الحزن، ولكنه ظل صابرا محتسبا. ولا شك أن الهجرة النبوية الشريفة لم تكن تحركا عشوائيا، ولم تكن هروبا، ولكنها كانت نقلة استراتيجية عظيمة أراد المولى عز وجل بها حماية الدعوة بعد أن اشتد الضغط، وكثر الأذى، وازدادت المؤامرات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى اتباعه في مكة المكرمة، وأمعنت قريش في الظلم والتعدي والتعرض له صلى الله عليه وسلم، ولصحابته الكرام، فجاء الإذن بالهجرة. وقد فرح الرسول صلى الله عليه وسلم باختيار الله عز وجل لهذه المدينة المنورة وأن تكون هي مقر الهجرة، وتحول إسمها من "يثرب إلى المدينة المنورة، ومن عوامل فرحه صلى الله عليه وسلم أنه قد أحب أهل هذه المدينة عندما لقي بعضهم قبل الهجرة وأرسل معهم مصعب بن عمير يتلو عليهم القرآن ويعلمهم الإسلام بعد بيعة العقبة الأولى، وكذلك في المدينة أخواله من جده من بني النجار، وهذا ما زاد ارتياحه وجعله يأنس للذهاب إلى هذه المدينة الطيبة الطاهرة، ويلقي أولئك الرجال والنساء الذين استقبلوه فرحين بقدومه وعوضوه عن قسوة الأهل في مكة (وظلم ذوي القربي أشد غضاضة). وكف الله عنه بهذه الهجرة تسلط قريش وغطرستهم وكبريائهم وأذاهم. ومن القضايا المهمة التي لا بد أن نتدبرها في قضية الهجرة أن الرجال الذين هاجروا معه والنساء اللاتي تبعن بعد ذلك، على الرغم من أنهم كانوا قلة وضعفاء إلا أنهم كانوا أقوياء بإيمانهم وصبرهم واحتسابهم، وقد أعانهم الله وأكرمهم وكرمهم ورفع من شأنهم. وهناك عامل مهم وهو أن المدينة المنورة كانت قد بدأت تستقبل الإسلام ودخل في دين الله عدد من أهل المدينة وكان هذا الأمر مهما وشجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوجه إلى المدينة المنورة بأمر الله وتوجيهه عز وجل وتدبيره، أضف إلى ذلك أنه في ذلك الوقت كان لها دور أساسي بإعتبارها مركزا حضاريا من الناحية التجارية ومن الناحية الزراعية، وكانت مدينة تعج بالحركة والنشاط بالإضافة لكونها ملتقى القوافل التي كانت تمر من الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى الشام وهذا أيضا جعلها مؤهلة أن تلعب دوراً أساسيا بالنسبة لإنتشار الدعوة الإسلامية . ومن العوامل الأخرى المهمة ما إتسم به أهل المدينة من مروءة ومن رجولة حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولته المشهورة: "لولا الهجرة لكنت إمرءاً من الأنصار". ولا شك أن من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المدينة أن دعا لها وحرم ما بين لأبتيها. عندما قال صلى الله عليه وسلم ا- "اللهم أن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة (متفق عليه من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه).2- "المدينه حرم ما بين عير إلى ثور" (متفق عليه من حديث علي رضي الله عنه). إلى غير ذلك من النصوص. ومن ينظر في قصة الهجرة وترتيباتها يحس بابعاد ذلك التخطيط الدقيقالذي سبقه التوكل والعزيمة والإمتثال لأمر الله عز وجل ثم تلاه الأخذ بالأسباب، فهذا أبوبكر الصديق رضى الله عنه يتشوق للهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى التريث حتى جاءت اللحظات الحاسمة التي أدرك فيها أبو بكر الصديق أن الوقت قد حان وأن الصحبة حاصلة وأن الهجرة قد أذن به الله عز وجل. وحادثة الهجرة النبوية في الحقيقة تعلمنا كيف مهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الهجرة ثم خطط لها واختيار الوقت المناسب والخط المناسب وتضليله المشركين عندما طلب من سيدنا علي بن أبي طالب البطل المغوار أن ينام في فراشه، فهذه التنظيمات من كتمان تام لخبر الهجرة، وإختيار ملائم للتوقيت، وسلوك طريق غير الطريق الذي تألفه قريش، كل هذه الأمور تعلم الأمة أهمية التخطيط في حياتها، وأهمية التنظيم والشورى والتعاون، ثم العزم والتوكل على الله وأن الله مع المتقين. وهكذا نشعر في مثل هذه الأيام ونحن نستقبل العام الهجري الجديد أن من واجبنا أن نقف لحظات لنتدارس أبعاد هذه الهجرة الشريفة، ونعلمها لأولادنا، ونجعلها نبراسا تهتدي به الأمة، ففي هذه الهجرة دروس عظيمة تستحق الوقوف عندها، وعلى مر التاريخ كان الراسخون في العلم والفهم دائما يحرصون على إغتنام فرص المناسبات الإسلامية وفي مقدمتها الهجرة النبوية ليقفوا عندها ويتدبرون أسرارها ومعانيها، ليستفيدوا من كل تلك الجوانب العطرة في السيرة النبوية الشريفة، وذلك لأن هذه الدروس تساعد على تتبع جوانب من حياته صلى الله عليه وسلم، وأخذ الدروس منها والتعرف عليها وتعلمها ومتابعة إحداثها وبالتالي تعليم أولادنا وتلاميذنا واللذين من حولنا جوانب من تلك الأسرار في مثل هذه المناسبات العظيمة فهي درس عظيم وخالد. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
|
|