شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

سبحان الله عز وجل الذي جعل صلاتنا على رسوله تكسبنا الحسنات وتحط عنا الخطيئات وترفع لنا الدرجات ، والمعنى بقولنا اللهم صل على محمد فإنما نريد به : اللهم ارحمه الرحمة المقرونة بالتعظيم في الدنيا باعلاء ذكره واظهار دينه وابقاء شريعته  وفي الآخرة بتشفعه في أمته وإجزال اجره ومثوبته وابداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود

 كتاب كيف نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم

الملك فيصل وترميم سقف الكعبة

محمد عبده يماني 

أواصل حديثي اليوم عن زاوية سيدنا أحمد نائب الحرم، وقد خصصتها للحديث عن ذكرى عطرة تم فيها تغيير السقف الأول للكعبة المشرفة، والحقيقة أنني لم استأذن السيد في هذه اللقطات التي أنشرها لصعوبة الإستئذان، فهو رجل يكره النشر ويحب الكتمان، ولا غرابة فقد تربى في الديوان، حيث لا أحد يتحدث عما يكون ولا ما كان، وكل الأخبار في طي الكتمان، وإن تجرأ أحد بنشر خبر فقد يصبح في خبر كان، وربما خارج الدكان، ولا تنفعه إلا شفاعة الصديق سلمان ولكني تجرأت لأن هذه الحادثة تستحق أن نلقي الضوء عليها، فقد حدث أن أبلغ الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله من قبل سادن البيت وشيخ الأغوات والمسؤولين الكبار في الحرم الذين كانوا يقومون بغسل الكعبة في أوقات معينة إنهم لاحظوا أن سقف الكعبة الأول بدأت تنخره (العتة) أو ما يعرف بسوس الخشب، وكان السقف من أعمدة (القندل) منذ قرون كثيرة، فصمم الملك رحمه الله على تغيير هذا السقف، وإصلاح هذا الخلل، وتبديل هذه الأعمدة ليطمئن على سلامة السقف الأول والتالي بعد ذلك، وقد وفقه الله للإستنارة بآراء ملوك وزعماء الدول الاسلامية فكتب لهم بسرعة على عزمه على إصلاح هذا السقف وفرح بتجاوبهم جميعا، وفعلا أصدر أمره للمعلم محمد بن لادن رحمه الله وكان معلم زمانه.
بدأت الاستعدادات، ونصبت السقايل للصعود إلى ظهر الكعبة، وحدد اليوم الذي سيتم فيه البدء بإجراء  التغيير وإعادة بناء السقف بإشراف الملك سعود رحمه الله شخصيا، ولكن شاءت إرادة الله أن يحدث ظرف طارئ لجلالة الملك سعود مما اضطره للسفر إلى الرياض، وصادف في ذلك التاريخ عودة الأمير فيصل بن عبد العزيز ولي العهد من رحلة كان فيها خارج البلاد، ووصل إلى جدة على ظهر يخت ملكي بعثه له الملك سعود رحمه الله، وحضر مع مجموعة من الرجال الذين كانوا بصحبته، وتم استقباله في جدة إستقبالا حافلا، وفرح الناس بعودته سالما معافى، وصدر في نفس الليلة أمر الملك سعود قبل سفره إلى الرياض أن يتولى الأمير فيصل الإشراف على تغيير سقف الكعبة حسب الترتيبات السابقة نيابة عن الملك سعود.
وكانت مناسبة سعيدة وتكليفا بعمل مبارك شريف، فقام الأمير فيصل بالذهاب إلى مكة، ووجد المكان قد تهيأ، والإستعدادات قد تمت، فصعد بنفسه على سطح الكعبة، وبدأت الخطوات الأولى لخلع الحجارة والمونة من فوق السطح، وهو واقف بنفسه يشرف على العمل، وفجأة طلب أن يحضروا له المعلم محمد بن لادن، وعندما أحضروه قال له أين ستضعون التراب والحجارة التي تخرج الآن من سقف الكعبة، فكان رد المعلم بن لادن بأنها ستوضع في مكان خارجي، فقال له الأمير فيصل: إسمع يامعلم.. لا أريد أن يخرج من تراب الكعبة ولا حصاها ولا خشيها شيء خارج الحرم، بل أطلب من جماعتك أن يحفروا حفرة داخل  (الحصوة) التي كانت أمام الكعبة، وتدفن كل المخلفات فيها من تراب وخشب وخلافه، فقام المعلم محمد بن لادن باحضار( دركتر) صغير وحفر داخل الحصوة وبدأ العمال في نقل المخلفات، وكانت الطريقة في ذلك الوقت بدائية، فحملت المخلفات على (كروانات) وهي تشبه الزنابيل ولكنها من الحديد وكانت تستخدم لنقل المخلفات.
استمر العمل والأمير فيصل يشرف بنفسه على العملية، ولم يسمح لأي شيء أن يخرج خارج الحرم من المخلفات، وقد تمم الله عملية الترميم والتغييير على خير وعلى أكمل وجه، وفرح الأمير فيصل وأبلغ الملك سعود رحمه الله، وفرح الناس بذلك وحضر الحفل وساهم في العمل بعض الوجهاء والسفراء فرحة بالمشاركة في تعمير بيت الله الحرام.
إن هذه الذكرى جميلة جدا، وتوضح حصافة الأمير فيصل وحرصه على أن لا ترمى مخلفات الكعبة خارج الحرم، رحمه الله وتغمده بواسع مغفرته ورضوانه، وعفى الله عن رجال أهملوا في الفترة الأخيرة عند إعادة ترميم جدار الكعبة، فألقوا بالمخلفات في البحر، أو ما وراء البحر، وكان عليهم أن يتأسوا بما فعله الأمير فيصل، والتاريخ شاهد على ذلك، فعبر التاريخ وفي كل مرة يتم فيها إصلاح أو ترميم أجزاء من الكعبة، كانت المخلفات تدفن داخل المسجد الحرام أو على الأقل حول الحرم في مكة المكرمة.
رحم الله الملك سعود الذي كلف أخاه الأمير فيصل بهذا العمل الشريف، وتغمدهما جميعا بواسع رحمته ورضوانه، وكما قلت في مقدمة حديثي فأنا لم استأذن السيد، ولا يتحمل هو مسؤولية النشر، وأنا كتبتها ونشرتها، وسأنشر البقية الباقية على مسؤوليتي والرزق على الله كما يقولون، فإن وجدت الباب قد قفل بالظبة والمفتاح فلا حول ولا قوة إلا بالله، وسوف أحاول الذهاب إلى أحد الزملاء من كبار (الملغوصين) أو صغارهم أو ساستهم أو شعرائهم لأتناول القهوة عنده، ورحم الله رجلا كنا نذهب إليه إذا أقفل السيد أحمد عبد الوهاب الباب أو سافر إلى خارج البلاد وهو معالي الشيخ كمال أدهم رحمه الله.
وإلى حلقة أخرى      والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل،، 

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب