شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

أنا ممن يعتقدون بأن البترول ثروة عارضة وعابرة ، وقد كنا أمة ذات حضارة وذات قيم وذات مبادىء وذات تاريخ ، ولايصح بأن نوصف بصفة مادية عابرة كدول بترولية،

 الجيويوجيا الإقتصادية والثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية

 

هناك لحظات مرت بي في حياتي شعرت حينها بالفشل ، وأول هذه المواقف التي أحسست فيها بذلك عندما أردت أن أحدد مجالي ليكون أدبياً في المستقبل وأنا طالب في المرحلة الثانوية اتجهت نحو القسم الأدبي وحاولت جهدي الالتحاق به ولكن ظروف مدرسة الفلاح في ذلك الوقت حالت دون فتح قسم أدبي وكرهت أن أترك المدرسة. ولهذا تحولت إلى القسم العلمي رغم ميولي ورغبتي في القسم الأدبي. وحاولت من يومها أن أطلّق الأدب وأتجه إلى العلوم، ولكنني فشلت تماماً، فقد ظلت الروح الأدبية تسيطر على حياتي بل وتتحكم في كثير من ميولي وأعمالي وكتاباتي، وقد رضيت بالوضع. وأنا حتى اليوم أعيش في معادلة حرجة بين الحياة العلمية والأدبية. والحادثة الثانية لفشلي هي أنني بعد أن تخرجت في الثانوية العامة من القسم العلمي رغبت في الحصول على بعثة للدراسة في خارج المملكة، وبذلت جهداً كبيراً ولكنني فشلت في ذلك وأرغمت على الذهاب إلى جامعة الملك سعود وكانت في أيامها الأولى وكنا أربعة طلاب في الدفعة الأولى. ونحن ننتظر بقية القادمين حاولت بكل جهدي أن أحصل على بعثة ولم أستطع، وبقيت في الجامعة وشاء الله أن فشلي في الحصول على بعثة كان وسيلة من وسائل نجاحي في جامعة الملك سعود. وفي مسيرة حياتي لقيت كثيراً من الرجال الذين أعتز بهم، وقد حاولت تغيير أسلوب حياتهم ولكني فشلت، فمثلاً:- د. عبدالعزيز الخويطر:عالم ومؤرخ وأستاذ أعتز بأستاذيته ولكني عندما عملت معه حاولت أن أغير من أسلوبه في الإدارة وأكسبه بعض المرونة، ولكنه رجل يحترم النظام وهو نظامي إلى أبعد حد. وقد فشلت كل محاولة لتغيير أسلوبه، وثبت لي في بعض القضايا أنه كان على حق. د. غازي القصيبي:رجل أديب ومثقف، وهو قمة من قمم الإدارة ولكنني فشلت في أن أجعله يلتزم بالنظام حرفياً ودائماً فهو رجلٌ المصلحة عنده فوق كل شيء، ويعتبر أن النظام إنما وضع لتحقيق الأهداف وليس من الضرورة الالتزام به حرفياً. فهو يمارس المرونة إلى أقصى حد.

د. عبدالله عمر نصيف:وهو من الرجال الذين يمتازون بأنهم يألفون ويؤلفون، وكل وقته للخير، وقد حاولت جهدي أن أجاريه في كثير من تصرفاته، ولكنني وجدته يتعاطى مرونة بالغة في كل شيء، ومن الصعب مجاراته فيها، وقلبه مفتوح للناس، ويده على قلمه يوصي بالخير لكل من يقصده، ولقد فشلت في أن أجعله يتريث، ولهذا فقد آمنت بأن الناس على نياتها، وأن لكل امرئ ما نوى. هذا رجل ممن يحبون الخير بكل شكل وفي أي وقت. وعندما كنت في وزارة الإعلام حاولت جهدي أن أنفذ قضية دمج الصحف، فقد كنت أرى أن الدمج وسيلة من وسائل تقويتها ولكنني فشلت في ذلك. كذلك عندما كنت في وزارة الإعلام بدأنا الاستعدادات للقناة التليفزيونية الثانية، وكان معي الدكتور عبدالعزيز خوجه والأستاذ إبراهيم القدهي والدكتور صالح بن ناصر، وبدأنا في عمل الترتيبات للإعلان عن هذه القناة التليفزيونية الثانية ولكن بعض الإخوة طلبوا أن نتريث. وحاولت جهدي أن أخرجها وكأنني كنت أحس بأنني سأترك الإعلام قبل خروجها وفشلت في إقناعهم. وفعلاً تركت وزارة الإعلام ثم خرجت القناة بعدها بعدة شهور! وفي وزارة الإعلام حرصت على إعفاء الأدباء والمفكرين ورؤساء تحرير الصحف من مراقبة كتبهم التي ترد إليهم، وكذلك إعفاؤهم من أي مراقبة على الكتب التي يحضرونها باعتبارهم صفوة من مثقفي البلاد. وقد نفذ القرار في أول الأمر ولكنني فشلت في أن أكسبه صفة الاستمرارية، وكم تمنيت من أعماقي أن يستمر. وشعرت بالفشل عندما أعلنت في محاضرة من محاضراتي عن الغزو التليفزيوني القادم، وأنه حقيقة، وعن الأقمار والاتصالات وطلبت أن نستعد لذلك، ولكني بكل أسف فشلت في إقناع جماعات كبيرة في هذا الرأي وبعضهم سخر مني وبعضهم اتهمني بالجنون، وفشلت في كسب تعاطفهم. ولكنها اليوم أصبحت حقيقة واقعة وبعضهم كتب لي يعترف بأن كل ما كنت أقوله كان حقيقة. كان عملي في الإعلام معادلة حرجة وصعبة، وقد بذلت جهدي لكسب مجموعة من العلماء حتى يؤيدوا برامجنا في ذلك الوقت ونتعاون على بلوغ الأهداف التي نسعى إليها ولكنني فشلت في إقناعهم. فقد كانوا يشكُّون في ما نقوم به من أعمال ولا يوافقون على تلك البرامج وهذه من الأمور التي تؤلمني. فلو نجحت في كسب ودهم لكان من الممكن أن نتعاون على بناء إعلام يحقق الأهداف التي نسعى إليها جميعاً. وأشعر أني فشلت في إقناع أجهزة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي بأن المناهج الحالية لا تحقق الأهداف التي نسعى إليها جميعاً ولابد من تغيير جذري. وبكل أسف إني أشعر أن رجال التعليم معي ويؤيدون توجهاتي ومقالاتي بما فيهم وزير المعارف الذي أعتبره من الصفوة الذين يقبلون الرأي الآخر، ولكننا لم ننجح في إقناع صناع القرار لهذه التغييرات الضرورية والعاجلة في مناهج التعليم.

كذلك أشعر بأني فشلت في إقناع الجامعات لتغيير توجهاتها وسياساتها وبرامجها ومناهجها؛ لأن الشاب اليوم يخرج ويتسكع بشهاداته، وهو ضحية لهذه البرامج التي لم تعد تحقق ما نصبو إليه في مجال التنمية البشرية واليد العاملة الفنية على وجه الخصوص. وأشعر بأني قد فشلت تماماً في إقناع وزراء الإعلام في أكثر من اجتماع لإلغاء القيود على الكتاب العربي والسماح له بالتجول بحرية داخل البلاد العربية، وبكل أسف فحتى اليوم تظل الكتب العربية مسجونة في الموانئ والمطارات في وقت تتجول فيه الكتب الأمريكية والأجنبية عموماً بحرية تامة لأننا لا نقرأها ولا نعلم ما فيها. وفي المجال الاجتماعي عشت مع الشيخ محمد الحمد الشبيلي وكان سفير المملكة في بغداد، ومعي الأستاذ إبراهيم القدهي والأستاذ عبدالحميد مشخص والأستاذ عبدالله بوقس والمرحوم الأستاذ محمد الشعلان. وقد عشنا أياماً جميلة مع هذا الرجل في بغداد وقررنا أن نحاول مجاراته في كرمه وأن نسعى بكل ما نستطيع لإكرامه، كما يكرمنا ولكننا فشلنا في ذلك. فهذا الرجل أسطورة من أساطير الكرم ومن الصعب مجاراته أو حتى محاذاته أنا رجل أحب الذكريات وأحب المذكرات وخصوصاً لهؤلاء الرجال الذين لعبوا أدواراً مهمة في حياة بعض ملوكنا، أو كانت لهم وظائف ذات أهمية في مسيرة المملكة العربية السعودية. ولقد حاولت مع هؤلاء الرجال أن أستكتبهم مذكراتهم وهم الشيخ عبدالله كامل، والشيخ محمد النويصر، والدكتور رشاد فرعون - رحمه الله - والسيد أحمد عبدالوهاب ولكني فشلت في ذلك، ولم أستطع إقناعهم بكتابة مذكراتهم بأي شكل من الأشكال، مع أن لديهم ذخائر مهمة في حياتهم، فقد كانوا على مقربة وبعضهم لا يزال مع صناع القرار في حياتي مع الملك خالد - تغمده الله بواسع رحمته - فشلت تماماً أنا والدكتور غازي القصيبي والدكتور عبدالعزيز الخويطر والدكتور سليمان السليم في أن نتعلم رياضة الصيد بالصقور. وقد أدى هذا الفشل إلى ضياع عدد من صقور الملك خالد - رحمه الله-.وكتب يومها الدكتور القصيبي معتذراً:أبا بندر لسنا عل الصيد نقدروفينــا يمانـيُّ وفينــا خــويطــروفينا سليمان السليم صديقنا يخاف إذا ما أقبـل الطيـر ينفـــرمضى طيرنا في الجو خلف حبارة فراح اليماني من سرور يصفّر أولادي:فشلت كل محاولاتي مع أولادي في جعلهم وحداويين، ورفضوا التعاطف معي في تشجيع نادي الوحدة. ولهذا فكل ما يفعلونه تأدباً أن يبتعدوا عني وعن التليفزيون عندما تكون هنالك مباراة لنادي الوحدة. وأنا أقدر لهم ذلك.

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب