رحيل الدكتور محمد عبده يماني وزير الاعلام السعودي الأسبق الى جوار ربه لايمثل خسارة لأهله ومحبيه وللشعب السعودي الشقيق فحسب وانما للعالم الاسلامي بأسره كونه مفكر اسلامي كبير قدم من خلال مؤلفا ته التي تزيد عن خمسة وثلاثين مؤلفا بعضها باللغة الانجليزية خدمة كبيرة للمسلمين والتعريف بالدين الاسلامي كدين يعكس الحرية والعد ل والحق والمساواة وينبذ التعصب والمغالاة..
اضافة الى ما تقوم به قناة اقرأ الفضائية التي يرأس ادارتها الدكتور محمد عبده يماني من توعية بالدين الاسلامي الحنيف حيث استقطبت مئات الملايين من المشاهدين في مختلف انحاء العالم وكان لها تأثير بالغ الأهمية في نفوسهم ..وقد حدثني بنفسه عن مدى النجاح الذي حققته قناة اقرأ ذات التوجهه الديني المنفتح ولأنه خالف المتشتددين في منهجهم فقد سارعوا الى اتهامه بالصوفية ولكنه بأخلاقه الفاضلة وبما يحمله من قيم اصيلة لم يدخل معهم في جدال كونه يعرف ان مناقشة هؤلاء لايوصل الى طريق. قبل ان اتعرف بشخصية الدكتور محمد يماني رحمه الله كنت احرص على متابعة كتاباته واحاديثه التلفزيونية وخاصة عندما تحدث عن طفولته وكيف كان يبيع البليلة في مكة المكرمة وهو يعمل مع والده رحمه الله ثم بعدذلك واصل تعليمه حتى نال درجة الدكتوراه في الجيولوجيا من احدى الجامعات الأمريكية وحصل على الجنسية السعودية فتقلد العديد من المناصب اهمها تعيينه وزيرا للاعلام في عهد جلالة الملك فيصل رحمه الله وظل يشغل هذا المنصب الى بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز رحمه الله ثم تعين بدلا عنه الأستاذ علي الشاعر..ومن خلال المناصب التي تقلدها كان يترك تأثيره وبصماته عليها وهو ماأكسبه احترام الآخرين داخل المملكة العربية السعودية وخارجها وظل رجل خير وبر واحسان الى ان توفاه الله مساء الاثنين الماضي.
اتذكر عندما قابلته لأول مرة في مكتبه ببرج دلة بجدة في منتصف عام 1998م من القرن الماضي حيث كنت حينها اقوم بمهمة اعلامية في المملكة لصحيفة 26 سبتمبر وكنت قد وضعت معاليه ضمن برنامج المسؤولين والشخصيات الذين كنت ارغب اللقاء بهم واجراء حوارات صحفية معهم بالتنسيق مع الاعلام الخارجي في وزارة الاعلام بالمملكة العربية السعودية الشقيقة والذي كان يومها وزيرا للاعلام معالي الدكتور فؤاد عبد العزيز فارسي وزير الحج الحالي ..وكان سموالأمير تركي ابن سلطان مساعد وزير الاعلام حاليا وكيل الوزارة لشؤون الاعلام الخارجي الذي اصدر توجيهاته بتسهيل مهمتي الاعلامية بما من شأنه خدمة علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين اليمن والمملكة..
دخلت الى مكتب معالي الدكتور محمد عبده يماني بعد ان بلغ بي سكرتيره الأخ والصديق العزيز مجدي عبود بن ثابت فأستقبلني بوجه بشوش وكان اول سؤال يوجهه الي عن حال اليمن وأهلها وادركت من خلال كلامه مدى مايكنه من حب لبلده الأصلي ثم سألني عن هامات اليمن الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح وفقيد اليمن الكبير الأستاذ عبدالله البردوني الذي انتقل الى جوار ربه عام2002م رحمه الله والاستاذ حسن احمد اللوزي والأستاذ السفير غالب علي جميل شفاه الله والأستاذ الكاتب المعروف عبدالكريم الخميسي ..وبعد ان طمئنته عنهم حددلي موعدا لاجراء اول حوار معه ل26سبتمبر وكان حوارا فكريا ناقش من خلاله ماتتعرض له الأمة الاسلامية من هجمة عدائية شرسة ضدها وشخص مشكلاتها واسباب ضعفها ..
ومن خلال متابعتي له وهو يتحدث عن وضع الأمة وماآل اليه كنت الاحظ مدى الألم الذي كان يشعر به..ومن يومها تعمقت علاقتي بالدكتور محمد عبده يماني الذي كان بعدذلك يخص صحيفتنا بين كل فترة واخرى ببعض الكتابات وكان يفضل ان تنشر في الصفحتين اللتان يشرفان عليهماالأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح والأستاذ حسن احمد اللوزي وزير الاعلام..وكل ما قمت بزيارة للمملكة كنت ازوره واحاوره وفي احدى الزيارات اصطحبني مع سكرتيره مجدي عبود بن ثابت الى ندوة اقامها مساء في منتدى الاتنينية للدكتور عبد المقصود خوجة خصصها لكشف جوانب لم يطلع عليها احد من قبل عن الصحابي ابو هريرة حضرها العديد من الأدباء والمثقفين واكتظت القاعة بالجمهور..
وفي زيارة اخرى اصطحبني لحضورمولد او حفل تأبين خاص برحيل احد ائمة الحرم المكي لم اعد اذكر اسمه رحمه الله..ثم زرته الى منزله عند الساعة الثامنة صباحا فوجدته رحمه الله بالبجامة جالس على مكتبه وامامه جهاز الكمبيوتريعمل عليه ومثل هذا الوقت المبكر يفترض كما اعتدنا في العالم العربي ان يكون كل المسؤلين وكبار الشخصيات يغطون في نوم عميق ويحلمون احلامهم الوردية. وقد ظل يرسل مواضيع تاريخيةل26سبتمبر في المناسبات الدينية..وخلال العشر الأوخرمن شهر رمضان المبارك الماضي أي قبل شهرين كنت في زيارة للمملكة بدعوة خاصة من معالي وزير الاعلام الدكتور الشاعر عبد العزيز خوجة والذي خص 26سبتمبر بعمود اسبوعي من قصائده الجميلة ينشر تحت عنوان:احلى الكلام في الصفحة التي يشرف عليها صديقه الدكتور عبد العزيز المقالح..واثناء تواجدي في جدة اتصلت بسكرتير الدكتور محمد عبده يماني لأبلغة انني موجود في جدة مستضافا من قبل معالي وزير الاعلام فأرسل الي سكرتيره الى الفندق الأخ مجدي عبود يحمل الي اعتذاره عن عدم لقائي لأنه مشغول في مكة واذا اتيحت الفرصة بعد العيد وانا موجود يمكن نلتقي ووعد بارسال مواضيع جديدة ل26سبتمبر لنشرهاعبر سكرتيره..
ولأنني غادرت اثناء اجازة العيد عائدا الى اليمن لم تتاح لي الفرصة للقائه..وكم كانت مفاجأتي كبيرة حين دخلت الأنترنت لتصفح بعض المواقع والأطلاع على ماتحمله من جديد فوجدت خبرا مقتضبا ينعي الدكتور محمد عبده يماني فكدت لا أصدق من هول الصدمة فسارعت بالأتصال بسكرتيره مجدي عبود تلفونيا ولكنه لم يرد فعرفت انه مشغول بهذا الحادث الجلل..رحم الله الدكتور محمد عبده يماني واسكنه فسيح جناته انا لله وانا اليه راجعون
|