شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية |
|
|
|
|
لقد اصبح واضحا في عصرنا ان ضغط السكان المتزايد وتقدم الحياة العصرية وتطور الصناعة ادى الى زيادة الاهتمام بالمصادر الأساسية للمعادن والصخور الاقتصادية ومعظم هذه المعادن مختزنة في بلادنا والحمد لله ونسأله سبحانه وتعالى ان يوفقنا الى حسن استخدام هذه الثروات واستغلالها بصورة تساعدنا في مراحل التنمية السريعة التي تمر بها بلادنا.   الجيويوجيا الإقتصادية والثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية
|
د. محمد عبده يماني
لقد أكرم الله هذه الأمة ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي علمنا عليه الصلاة والسلام عن ربه عز وجل إن الإسلام يتركز على قضية أساسية وهى التوحيد، وإفراد الله عز وجل بالعبادة وأنه لا يقبل عمل أي إنسان ما لم يؤمن بأن الله عز وجل هو الخالق والباريء والمصور والمتصرف في هذا الكون وحده لا شريك له لأن الله أغنى الأغنياء عن الشرك ولكن في الوقت نفسه علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإيمان لا يكمل ولا يكون تاما إلا بمحبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المحبة الكاملة والصادقة، ولهذا فإن الصحابة قد أقبلوا على حب رسول الله وحرصوا على ذلك الحب، وفازوا وغنموا، وكانوا قدوتنا في هذه المحبة فقد صدقوا مع رسول الله وصدقوه وأيدوه وأحبوه أكثر مما احبوا انفسهم وأهلهم وعشيرتهم ومن أي شيء، وقد بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم معه جزاء على حبهم له، وان ذلك ليس لهم وحدهم بل لكل من أحب رسول الله فهو معه، وذلك بقوله: "أن المرء مع من أحب" ولا شك ان هذه بشارة عظيمة لكل من أحبه، وأحب أهل بيته وأحب اصحابه. إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحقيقية تبدأ باتباع هذا النبي والحرص على سنته وطاعته: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} {من يطع الرسول فقد أطاع الله …} ويقول صلى الله عليه وسلم: "من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" إنها محبة تسمو فوق كل محبة، وترتفع بصاحبها إلى ذروة الإيمان وهذا رب العزة والجلال يعلمنا ان محبته ومحبة رسوله فوق كل محبوب، شرط السعادة والنجاة من عذاب الله في الدنيا والآخرة فيقول:"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره} ومن هذه الآيات الكريمة يتبين أن الإيمان والإسلام لا يكتملان لمسلم إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وطاعته ومحبته وأن يكون هواه تبعا لما جاء به صلى الله عليه وسلم. وهذا ما عبر عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به} . وأول الذين أحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم صحابته الأبرار ولا شك أن أعظم الناس محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين فازوا، بالصحبة وبالمحبة الصادقة فقد جعلوا سيرته منارا ونبراسا يضيء أمامهم الطريق، وأدركوا أهمية القدوة، فكان قدوتهم في كل شيء صغر أو كبر، فراحوا يغترفون من هذه القدوة، وينعمون من فضلها ويتفيأون ظلالها، وكما كان هو صلى الله عليه وسلم القدوة، فقد رباهم وعلمهم، وجعلهم القدوة أيضا لكل من اهتدى، ذلك أنهم أحبوه.. أكثر من حبهم لأولادهم.. وأنفسهم.. وأموالهم.. وكل شيء في حياتهم.. وأحبه صلى الله عليه وسلم المؤمنون الصادقون في كل زمان ومكان مثل ذلك الحب.. ولسوف تظل هذه علامات المؤمنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد كان حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهدا على ذلك الإيمان الراسخ.. فهذا أبو بكر الصديق.. لا يحرص على شيء أفضل ولا أكبر من الصحبة في أشد الساعات.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد للهجرة.. فيقول والحب يملأ قلبه:(الصحبة.. الصحبة.. يا رسول الله) كل همه الصحبة.. ومرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. رغم كل المخاطر المحدقة.. وقد فاز بالصحبة، فلما ذهبا إلى الغار، وجاء المشركون فوقفوا على باب الغار، وخشي أبوبكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا، فطمأنه رسول الله … وقال: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.، فأنزل الله في ذلك قوله تعالى: {ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}وقد فاز أبوبكر رضي الله عنه بهذا الشرف العظيم، إذ ذكره الله تعالى بشرف الصحبة، والمكث في الغار، والخوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصيبه مكروه، وبمواساة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لم يظفر به أحد من الصحابة سواه. وهذا ثاني الخلفاء.. الناطق بالحق.. والصواب.. يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا نفسي)ويجيبه عليه السلام:(لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)فقال عمر رضي الله عنه:(فأنت الآن أحب إلي من نفسي)فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(الآن يا عمر) وهذه أم المؤمنين.. خديجة الكريمة.. هذه السيدة العظيمة التي أحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ففازت فوزا عظيما.. وازدادت عظمة ورفعة.. وبشرها رسول الله ببيت من قصب فـي الجنة.. هذه الإنسانة التي وقفت تشد من أزره.. وتعينه على المضي قدما في تحمل أعباء الدعوة.. تدثره.. وتزمله.. وتحنو عليه.. وتؤيده من دافع حب عميق لهذا الإنسان.. الأمين الصادق.. وقالت قولتها المشهورة: "أبشر فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" ولقد ظل وفيا لها صلى الله عليه وسلم.. وها هو ذا يدافع عنها يوم قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.. وفي نفسها غيرة من كثرة ذكره صلى الله عليه وسلم لها وبره بها:(وهل كانت إلا عجوزا أبدلك الله خيرا منها)فقال عليه الصلاة والسلام في وفاء لتلك الإنسانة الكريمة، وبياناً لعلو منزلتها: والله ما أبدلني الله خيرا منها..آمنت بي إذ كفر الناس.. وصدقتني إذ كذبني الناس..وواستني إذ حرمني الناس.. لقد أحبته وآمنت به وصدقته وواسته بنفسها ومالها فأحبها الله وأكرمها.. وكرمها.. رضي الله عنها وأرضاها، وقد فعل.!!ولقد كان الحب لهذا الإنسان الكامل منذ ولادته.. ونشأته.. فقد وضع الله عز وجل له المحبة في الأرض والسماء.. وأكرمه إذ جمع فيه من الصفات الحميدة العالية.. والشمائل الكريمة السامية.. والفضائل العظيمة.. ما غرس حبه في القلوب.. وحببه الى النفوس.. فأحبه أهله.. وقومه وعشيرته.. وكانوا يتفاءلون به.. ويقرون بأمانته.. وصدقه.. حتى سموه الأمين. ولا شك أن تتبعنا للسيرة يعيننا كثيرا على تعميق المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وقلوب أولادنا وأهلنا واذا ما نظرنا إلى بعض الصور المشرقة من حب الصحابة لرسول الله وكيف عبروا عن هذا الحب وجعلوا محبة رسول الله قضية أساسية، يفدونه بأرواحهم ويواسونه بأنفسهم ويفدونه بأولادهم وأهلهم لرأينا من ذلك ما يملأ قلوبنا عجبا وإعجابا، فمن ذلك ما رواه "أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد إنهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو طلحة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.. مجوب عليه بحجفة له وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع "كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا.. وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل، فيقول: إنثرها لأبي طلحة.. قال: ويشرف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى القوم.. فيقول أبو طلحة: بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم.. نحري دونك..".. "الحديث متفق عليه" وهذه إمرأة من الأنصار.. قتل أبوها.. وأخوها.. وزوجها.. يوم أحد، وعندما أخبروها بموتهم.. كانت سلامة رسول الله هي التي تشغلها قبل كل شيء.. ولم تفكر ولو للحظة في مصيبتها في هؤلاء جميعا.. وإنما كان همها كله هو سلامة رسول الله.. ولهذا فقد سألت: "أين رسول الله؟ فقالوا لها هو بخير بحمد الله كما تحبين.. وعندها فقط. إطمأنت رغم فداحة مصيبتها وعظم مصابها.. وقالت: "أرونيه حتى أنظر إليه".. فلما رأته قالت كلمتها المشهورة.. والتي ذهبت نورا مشعا عبر التاريخ الذي يشهد بإيمان هذه الأنصارية: "كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله" – أي كل أمر يهون بعدك". ما أروع هذه الصورة الإيمانية لهذه المرأة الأنصارية التي أعطت درسا بليغا في أبعاد محبة رسول الله.. وإنا لنحس ونستشعر هذه الحب اليوم: فهو حب صادق يتجدد عبيره عبر التاريخ. وهذا زيد بن الدثنة رضي الله عنه.. عندما أخذه المشركون من الحرم ليقتلوه.. ووقف أبو سفيان يقول له: "أنشدك الله يا زيد.. أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟" قال زيد المسلم القوي: "والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في مكاني". وتعجب أبو سفيان لهذا الرجل الذي يفضل أن يقتل على أن يصاب رسول الله بشوكة تؤذيه.. وقال: "ما رأيت من الناس أحدا يحبه أصحابه كما يحب أصحاب محمد محمدا" ومثل ذلك ما قاله عروة بن مسعود الثقفي سيد أهل الطائف.. عندما أرسلته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. يوم صلح الحديبية.. فبعدما شاهد عروة كيف يصنع الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم – مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإنه كان لا يتوضأ وضوءا إلا كادوا يقتتلون عليه ويتمسحون به.. وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ولا يحدقون النظر إليه، وانما صنعوا ذلك ليراهم عروة، ويرى شدة حبهم واستعدادهم للدفاع عنه، والموت دونه، فلما رأى عروة منهم ذلك رجع إلى قومه وقال: "والله يا معشر قريش لقد جئت كسرى في ملكه.. وقيصر في عظمته.. فما رأيت ملكا في قومه مثل محمد في أصحابه.. ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدأ فانظروا رأيكم.. فإنه عرض عليكم رشدا فاقبلوا ما عرض عليكم.. فإني لكم ناصح.. مع أني أخاف أن لا تنصروا عليه" لقد شهد عروة بن مسعود الحب الحقيقي لهؤلاء الصحابة.. وأدرك إبعاده.. وأنه يسمو فوق كل شيء.. نعم: إنه حب عظيم لقائد عظيم.. ونبي كريم.. ورسول أمين. وهناك صور كثيرة من هذا الحب فقد كانوا يتسابقون إلى حبه.. وكل ما يحبه.. وكل من يحبه.. يلتمسون رضاه.. ويسعون في طاعته.. ويقتفون أثره.. ويتتبعون آثاره:"روى الشيخان في صحيحيهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي، فقال الاتنجز لي ما وعدتني، فقال له: "أبشر"، فقال: فقد أكثرت علي من أبشر، فاقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال "رد البشرى فاقبلا انتما" قالا: قبلنا ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه، ثم قال: "اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا، فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما. فأفضلا لها منه طائفة هكذا كانوا يتسابقون إلى طاعته، والإنتفاع ببركة هذا السيد الجليل.. والرسول الكريم.. والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم. "أخرج البخاري ومسلم في "باب خاتم النبوة".. بإسنادهما إلى الجعد بن عبد الرحمن قال: سمعت السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إن ابن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه ، وقمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الجحلة. وأخرج البخاري أيضا في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي جحيفة قال: خرج رسول الله صلى الله علسه وسلم الى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة، وزاد فيه عون عن أبيه عن أبي جحيفة. قال: كان يمر من ورائها المرأة، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بهما وجوههم قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك وكان سيدنا خالد بن الوليد وهو أحد القادة العظام: والأبطال الكبار الذين جاهدوا في سبيل الله حق جهاده، وهو سيف صارم من سيوف الإسلام، وكان يحرص وهو في غمار المعارك.. أن يحفظ في ثنايا عمامته شعرات مباركات من شعرات الرسول صلى الله عليه وسلم.. ليتبارك بها.. لأنها من أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قدوتهم وحبهم.. وبركتهم.. أحبوه وأحبوا كل ما فيه.. وكل ما صدر منه.. أو عنه.. وآمنوا إيمانا حقيقيا به.. وجعلوه القدوة الحسنة.. وقد كان الواحد منهم يتمنى أن تكون لديه شعرة أو أي أثر من آثاره ويحس أن ذلك أغنى وأغلى من الدنيا وما فيها؟ أخرج الحاكم وغيره: أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك، فقال اطلبوها، فلم يجدوها، ثم طلبوها فوجدوها. وإذا هى قلنسوة خلقة، فقال خالد: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه، وابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالا وهى معي إلا رزقت النصر. ولقد كانوا رضوان الله عليهم يتابعون هذه المحبة حتى بعد وفاته:"فهذا بلال رضي الله عنه، لما قدم من الشام إلى المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبوا منه أن يؤذن لهم كما كان يؤذن في حياته صلى الله عليه وسلم. واجتمع أهل المدينة رجالهم ونساؤهم وصغارهم وكبارهم ليستمعوا إلى أذانه فلما قال: "الله أكبر الله أكبر" صاحوا وبكوا جميعا، ولما قال أشهد أن لا إله إلا الله ضجوا جميعا، ولما قال أشهد أن محمدا رسول الله، لم يبق في المدينة أحد إلا بكى، وصاح وخرجت العذارى والأبكار من خدورهن يبكين، وصار كيوم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لتذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك العهد النبوي الزاهر الأنور وهذا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بكي ولا مر على ربعة إلا غمض عينيه، كما ذكر البيهقي في الزهد بسند صحيح، ولقد كان ابن عمر يتتبع أثاره صلى الله عليه وسلم في كل مسجد صلى فيه وكان يعترض براحلته في كل طريق رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض ناقته فيه، وكان لا يترك الحج، فكان إذا وقف بعرفة يقف في الموقف الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج مالك في موطئه في: (باب ما جاء في الدعاء) أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جاء لقرية لبني معاوية، وهي قرية من قرى الأنصار فقال هل تدرون أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجدكم هذا؟ فقال له عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك: نعم، وأشار إلى ناحية منه.. الحديث وكان بعض الصحابة من شدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وحرصهم على التبرك بأثره أنهم كانوا يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في بيوتهم، فقد أخرج البخاري في كتاب الصلاة حديث طلب عتبان بن مالك منه عليه الصلاة والسلام، أن يصلي له في مكان في بيته ليتخده مصلى لما ضعف بصره وخاف من حيلولة السيل بينه وبين المسجد النبوي، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته وقال: "أين تحب أن أصلي لك، فأشار إلى ناحية من بيته فصلى فيه فصفوا خلفه. هكذا أحبوه وأحبهم.. وكانوا هم (السابقون السابقون) وكانوا أشداء على الكفار رحماء بينهم وكانوا ركعا سجدا وحل عليهم رضوان الله وبركة رسوله الكريم. وهكذا بلغتنا هذه السيرة العطرة,, والتاريخ المشرف.. المشرق النبيل.. ولهذا وجب أن نتدبره.. ونتتبعه.. ونتعلم منه كيف نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الكرام. وأول مراحل هذا الحب هو الإيمان الصادق.. والإتباع الصحيح.. والمتابعة والإحترام.. وتلاوة سيرته وقراءة أخباره صلى الله عليه وسلم في تعمق وتدبر.. وإقبال صادق ومحبة تملأ جوانحنا.. وتعطر حياتنا.. ونسأل الله أن يجعلنا ممن قال عنهم صلى الله عليه وسلم: "من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهل وماله ورضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تعلمنا منهم الحب، أولئك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. وثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعوه وافتدوه بأنفسهم.. وكانوا يتطلعون إلى صحبته في الآخرة ويخشون أن تقصر بهم أعمالهم.. فلا يكونون معه. هذا ثوبان الذي مرض.. وأخذ يضعف ويهزل من شدة التفكير في حال الآخرة.. وكيف يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لأن منزلته عليه الصلاة والسلام ستكون عالية.. وأين هو من تلك المكانة.. و كيف يتسنى له رؤيته وصحبته.. وشاء الله أن تأتي البشارة له.. ولكل مؤمن محب ومطيع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية:{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} وختاما فلننظر إلى هذا الصحابي الكريم عكرمة بن أبي جهل الذي تأخر إسلامه حتى فتح مكة، وكان من أشد المحاربين للإسلام، كيف تبدلت حاله بعد الإسلام، فأصبح حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق كل محبوب، فلما كان يوم اليرموك أبلى أحسن البلاء، وجاهد في الله حق الجهاد، فلما أصيب اصابة الموت، ورآه خالد بن الوليد وهو يجود بروحه ووضع رأسه على فخذه، فقال عكرمة والدموع تنهمر من عينيه: يا عماه.. هل هذه ميتة ترضي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! فما أحوجنا في هذا الزمان أن ندرس السيرة النبوية الشريفة، وسيرة أصحابه لنتعلم كيف نتأسى به وبأصحابه، ونتعلم حبه وطاعته واتباعه والعمل بسنته والدفاع عنها، وأن نعلم ذلك أولادنا وأهلنا وأخواننا حتى نكون من إخوانه وأحبابه، ونفوز بشفاعته، ونلقاه على حوضه لنشرب من يده شربة لانظمأ بعدها أبدا، ونفوز برضوان الله تعالى ودخول جناته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل،،
|
|