شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

من المهم ان نربي اولادتنا وتنشئتهم على حب  العمل واحترام العمل واعتباره فضيلة كالشرف والمروءة والامانة وعندها لا يجد الشاب حرجا في ان يعمل في أي مكان بل يتحرك في مجال عمله بفخر واعتزاز ودون خجل ..

 السعودة وجها لوجه

الله .. والقرآن .. ونبي القرآن
 د. محمد عبده يماني

ما أجمل أن نستفيد من المناسبات الهامة في حياة الأمة الإسلامية لنلقي فيها الضوء على أمهات الحوادث في تاريخ هذه الأمة ورحمة الله سبحانه وتعالي بها وفي مقدمة هذه الأمور هذا القرآن الكريم وهذا النبي العظيم الذي بعثه الله رحمة للعالمين.. فمثل هذه الموضوعات تربط الناشئة والشباب بالله عز وجل وبكتاب الله الكريم وبرسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي مثل هذه الأيام العطرة والتي نسترجع فيها ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ونشأته وتربيته ودعوته نحس بأنها مناسبة عظيمة تربط الناشئة والشباب بهذا الدين العظيم ومن أول ما يجب أن نرسخه في أذهان أولادنا هو هذا الكتاب المبارك الذي تقوم عليه حياة الأمة ، ثم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي القرآن أنزل الله عز وجل آيات واضحات جليات تشير إلى عظمة هذا الكتاب حيث يقول عز وجل:
 
 (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام : 155)
 
وهذا كلام الله عز وجل يرشدنا ويعلمنا لنتعلم ونعلم اولادنا عظيم امر هذا الكتاب وانه موعظة من رب العالمين ، بل وشفاء وهدى ورحمة ، ويأمرنا عز وجل ان نقدر النعمة ونفرح بها ، ونقبل عليها فاذا امعنا النظر في الآية التالية ادركنا ذلك الشأن لهذه الآية والتي فيها كل هذه التوجيهات والبناء والربط بكتاب الله العظيم حيث يقول تبارك وتعالى : (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون)َ (يونس:57-8)
 
وهذا نص مبارك يوضح لنا بجلاء ان هذا القرآن العظيم جاء ليخرج الناس من الظلمات الى النور وان ذلك يتم باذن ربهم الذي يخرجهم من الظلمات الى النور والى صراط العزيز الحميد ، يقول عز وجل : (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (إبراهيم : 1)
 
واذا ما تدبرنا هذه الآية الكريمة ندرك ان الله تعالى قد بين لنا ان هذا الفضل وهذا الهدي يرتبط بالعمل الصالح ويبشر اولئك المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، اما من لا يؤمن بالآخرة فقد اعد له الله عز وجل عذابا اليما : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا . وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (الإسراء : 9-10)
 
ثم تأتي الآية التي توضح بأن هذا القرآن هو احسن الحديث وان من يقرأه بامعان وتدبر وخشية وخشوع يحس بهذه العظمة التي تقشعر منها الجلود وتلين لها القلوب :  (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر : 23)
 
واذا ما نظرنا بعمق في هذه الآية نلاحظ كيف ان الله عز وجل ينبهنا لندرك مكانة  القرآن العالية ووجوب الأدب والطهارة قبل لمسه ، فيقول عز وجل : : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة: 75-80)
 
       ومن هنا نحس ونتعلم كيف ان قراءة القرآن والاطلاع عليه وتدبره يربطنا بحقائق كبيرة ومعجزات عظيمة نتعلمها ونعلمها لأولادنا ، ولكن من المهم ان ندرك ان قراءة القرآن وحفظه بصورة عابرة كما يجري في كثير من المدارس وحلقات التحفيظ هو نعمة وثواب وبركة ، ولكن تحتاج هذه الآيات ان نعلم الأولاد ان المسألة ليست في مجرد اتمام قراءة الأجزاء بأسرع وقت ، وانما في القدرة على التدبر والتفقه حتى نستفيد من عظيم شأن هذا القرآن ، وأن على اساتذة القرآن ان يتعلموا اهم قضايا التدبر والاعجاز القرآني حتى يعلموه لأولادنا ، ,نرسخ في انفسهم ان هذا الكتاب يختلف عن جميع الكتب السماوية ، لأن الله عز وجل قد تكفل بحفظه من أي تحريف او تبديل او تغيير ، وانه قرآن كريم يأتي شفيعا لهم يوم القيامة ، وانه شفاء للروح والجسد ، ومن هنا تأتي اهمية ربط الناشئة والشباب منذ نعومة اظفارهم بهذا الكتاب وهذا القرآن العظيم لأنه النور والضياء لهذه الأمة .

       ثم ان من اعظم ما انعم الله به على عباده بعد نعمة الايمان أنه دعاهم الى ذكره ، ووعدهم بالجزيل من فضله فقال عز وجل :{" فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } لذلك فاني ادعو الآباء والأمهات ان يعتنوا بذكر الله ، وان يتعلموا ذكر الله ويعلموه أولادهم كما علمنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " الا انبئكم بخير اعمالكم وازكاها عند مليككم ، وارفعها في درجاتكم وخير لكم من انفاق الذهب والورق وخير لكم من ان تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم ويضربوا اعناقكم ؟ قالوا : بلى . قال : ذكر الله تعالى " 
       ولكي يعلم امته افضل الذكر والدعاء عقب الصلوات قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ يوما : يا معاذ والله اني لأحبك .. يا معاذ اني اوصيك لا تدعن ان تقول دبر كل صلاة : اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " وكان صلى الله عليه وسلم يقول بعد كل صلاة : لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد  وهو على كل شئ قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
 
كما كان صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة أن أحب الكلام إلى الله (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) وقال: صلى الله عليه وسلم: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس)..وبناء على هذا وغيره قال معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله ، 
ولنعلمهم أن من آداب الدعاء أن يكون تضرعا وخفية (أدعو ربكم تضرعاً وخفية) أي ان يكون دعاء ِبِخفْيَةَ بين العبد وربه لا يسمعه احد من الناس ، كما دعا زكريا ربه دعاء خفيا فقال : { رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا } ، وأن يحرصوا دائماً عند الدعاء على البدء بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وان يختموا الدعاء كذلك بالصلاة والسلام عليه ، فان الدعاء لا يرد  ، لأن الله عز وجل الكريم الأكرم لا يرد الصلاة على رسوله في البدء والمنتهى ، وهو اكرم من ان يرد ما بينهما من الدعاء .
 
ثم لنعلمهم علو قدر المصطفي صلى الله عليه وسلم وفضله على سائر النبيين حتى يتعلموا ويعلموا أنه صفوة المصطفين وخاتم المرسلين وأنه عليه الصلاة والسلام خير من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين وأنه صلى الله عليه وسلم كان بشراً يوحي إليه كما نعلمهم بأنه صلى الله عليه وسلم هو الأسوة والقدوة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً .. ونعلمهم ان هذا النبي الكريم والرسول العظيم قد أقسم الله بحياته دون أحد من الأنبياء لعلو قدره ، ولنغرس في قلوبهم محبته صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين ، ولنعلمهم ان المؤمن لا يذوق حلاوة الايمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان حبه فرض على كل مسلم ، ولا يكمل ايمان المؤمن الا ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم احب اليه من نفسه التي بين جنبيه ، كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه وهو يعلمه الايمان : " الآن يا عمر " .
 
"ومن العقلاء من يرى أهمية الاستفادة من المناسبات التاريخية العظيمة في شد انتباه الناشئة ، وجذب اهتمامهم إلى أمجاد الإسلام وتاريخ الأمة المسلمة ، وترسيخ القيم والمثل في نفوسهم ، عن طريق استعراض تلك القصص الرائعة أمام أعينهم، ليكون لهم بها عبرة ، كذلك يرى هؤلاء المفكرون أن دراسة السيرة النبوية ، والتعرف على مناقبه صلى الله عليه وسلم وصفاته وأخلاقه تساعد على تهذيب الناشئة والسمو بمداركهم .
 
ونحن في هذه الأيام تظللنا مناسبة جليلة كريمة كانت إرهاصاً لتاريخ عظيم خطير، تلك هي ذكرى المولد النبوي الشريف ومشرق المجد الإسلامي المنيف ، الذي شاد صروحه النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه وعونه وتوفيقه ، فها هو شهر ربيع يقبل علينا متألقاً  معطر الأجواء بأزكى الأريج واحبه إلى قلوبنا ، وها هم المسلمون في جميع بقاع الأرض يستقبلونه سعداء مستبشرين ، ويحتفون به أعظم الحفاوة ، فيرتلون القرآن الكريم ، ويقرأون سيرته ، ويتحدثون عن جوانب العظمة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصور الجمال والكمال في خَلقه وخُلقه ، ويتأملون كيف أنقذ الله به البشرية من ظلام الشرك وظلام الوثنية ، وكيف حقق الله لها به العزة والكرامة الإنسانية ، ويذكرون كيف استبشرت به الأرض والسماء فرحاً ، واحتفت مخلوقات الله بمقدمه سروراً:
وما احسن ما قال أمير الشعراء أحمد شوقي – رحمه الله – في ذلك :
ولد الهـدى فالكائنـات ضيـاءُ
 وفـم الزمـان تبسـم وثناءُ
والروح والملأ والملائك حـوله
 للدين والدنـيا  به بشراءُ
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي
 والمنتهى والسدرة العصماءُ 
       وختاما فإن من واجب امتنا الاسلامية في كل بقاع العالم ان تتمعن في السيرة النبوية وتربط مناهجها التعليمية بها ، فمن هنا تكون النجاة لهذه الأمة عندما تربطنا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنهجه وسيرته فهو القدوة والاسوة والرحمة الكبرى التي رحم بها الله العالمين ومن المهم ان نقتدي به وكيف علمنا اهمية قراءة القرآن وتدبره وذكر الله عز وجل والارتباط به وهذا امر يجلب السعادة ويقودنا الى الاستقامة التي وعدنا الله سبحانه وتعالى بنعمة رغيدة عندما نستقيم عليها وهو يقول عز وجل : { وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}
 
       والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي الى سواء السبيل ،،

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب