شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

إننا في عصر تخصص ، والاسلام بطبيعته نظام كامل للحياة ويجب ان يتوقف شعار تطوير الدين الاسلامي وشعار اننا في حاجة الى  اسلام عصري ، فالذي نحن بحاجة اليه في  الحقيقة هو ان نطور انفسنا ونقوي ايماننا ونوسع معلوماتنا لفهم الدين الاسلامي ولسنا بحاجة الى اسلام عصري وانما في حاجة الى فهم عصري للدين الاسلامي.

 المسلمون والتطور في علوم الفضاء

الأدب في تناول السيرة النبوية

د. محمد عبده يماني

أشكر جريدة الحياة إهتمامها بموضوع جوانب السيرة النبوية، وإعطائها الفرصة لتبادل الرأي والحوار الذي يقودنا إلى مزيد من التعمق في سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، خاصة في هذا العصر الذي نحن بصدد مواجهات خطيرة فيه تشوه الإسلام الحنيف، وتسيء إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  ولا بد لنا أن نعنى بالطريقة التي نتحاور بها، وأن يتسم حوارنا بالأدب الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة، وكل من يكتب عن السيرة النبوية أو يتناول السيرة من الواجب أن يكون على هذا الخلق.
ولقد أسعدني مطالعة مقال (الاحتفال بالمولد النبوي سنة مستحبة) الذي نشر في عدد الحياة بتاريخ 7 جمادى الأولى 1431 هـ للباحث في الشؤون الإسلامية الأستاذ عبد الرحمن الخطيب، التي إستنكر فيها طريقة معالجة الشيخ عبد العزيز السعيد للموضوع عندما كتب مقال بعنوان (ما هكذا نحتفي بخاتم الأنبياء) تعقيبا على حديث نشرته عن هذا الموضوع.
إنني سعيد وأنا أرى الأخ عبد الرحمن الخطيب يتناول الموضوع بطريقة موضوعية، ويصحح للشيخ عبد العزيز السعيد المعلومات والأسس التي يجب أن يكون عليها الرد عندما قال: (إن طريقة الرد الفظة، والهجوم الشخصي لا تليق بمفكر إسلامي كبير من أمثال الدكتور يماني له باع طويل في التأليف في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام، وله مآثر جليلة في مجال الدعوة إلى الله وصل صداها إلى معظم الجمهوريات الإسلامية التي كانت تابعة للإتحاد السوفيتي سابقا، ولنأخذ على سبيل المثال ما قاله الشيخ السعيد: "إن ما ورد في المقال المذكور خروج عن حدود الله" وجملة "لا يجوز لأحد أن يتكلم في المسائل الشرعية ما لم يكن من أهل العلم وإلا فهو معرض للعذاب".
حاول الشيخ السعيد جاهدا أن يقنع القراء بوجهة نظره من خلال تكرار عبارة "على الوجه المشروع"، ولكن لم يذكر ما هو الوجه المشروع الذي نحتفل فيه بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، بل حتى أنه أنكر تخصيص صوم ذلك اليوم، وإستشهد بقول إبن تيمية وأبن حجر وآخرين معاصرين مغمورين لا يعتد بآرئهم)       
ولا شك أن الأخ الشيخ عبد العزيز السعيد كان فظا في أسلوبه، وكرهت أن أدخل في حوار معه في ذلك الوقت، لأبين له أن نيتنا والحمد لله إنما تهدف إلى خدمة هذه السيرة وربط الناشئة بها، وليس إرتكاب أي بدع من أي لون، لأن هذا الأمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبح من الأعمال المستحبة، خاصة في عصرنا هذا الذي نحتاج فيه إلى التعاون للدفاع عن كتاب الله وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأحسب أن الشيخ عبد العزيز يخلط بين ما يجري في بلادنا من قراءة للقرآن وأناشيد في مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين ما يجري في بعض المناطق، مما لا نؤيده نحن أساسا، لأن مجالس السيرة  النبوية يجب ان تتسم بالأدب، لأنها مجالس وقار وعلم، ُيستعرض خلالها جوانب من حياته صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يتعامل مع صحابتة الكرام وكيف كان يعلمهم ويؤدبهم، وكيف كانوا يحترمون تلك التعليمات، ويفرحون بها، ويجلسون في مجالس لتدارس سيرته عليه افضل الصلاة والسلام.
وكم أتمنى أن يعود الأخ الشيخ عبد العزيز السعيد إلى نفسه، ويراجع الموضوع، ليعلم أن هذا ليس بدعة، ولكنه أمر له أصل، وأمر مطلوب في العصر الحديث الذي نحن فيه الذي هو عصر الإتصالات وعصر المواصلات والقنوات التلفزيونية العالمية لتذكير الشباب بالمناسبات الإسلامية، فهو من الأعمال الحسنة.
وكم اسعدني طرح الاستاذ عبد الرحمن الخطيب للموضوع بطريقة علمية  ومانقله عن السيوطي رحمه الله في الحاوي للفتاوى عندما اوضح ان: (أحتفال المسلمين بمولد رسولهم صلى الله عليه وسلم لا يقتصر على شكل واحد، فالتعبير عن الفرحة يتعدد ويتنوع، وأول تعبير عن تلك الفرحة هو التأسي بسنة نبيهم، عليه أفضل الصلاة والسلام، وهو الصيام. فقد أخرج مسلم في «صحيحه»، عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين، قال:  "ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل عليّ في".في «فتح الباري بشرح صحيح البخاري»، كتاب النكاح، باب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، أورد إبن حجر العسقلاني حديث البخاري «أن العباس قال، لما مات أبو لهب: رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم إثنين، قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين؛ وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فأعتقها». وروى غير البخاري أن الذي رأى أبا لهب من أهله هو أخوه العباس، وأنه قال: مكثت حولاًَ بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شر حال فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين، وذلك أن رسول الله ولد يوم الاثنين. وكانت ثويبة مولاة أبي لهب قد بشرته، إذ قالت له: أشعرت أن آمنة ولدت غلاماً لأخيك عبدالله، فقال لها: إذهبي فأنت حرة. فنفعه ذلك وهو في النار، كما نفع أخاه أبا طالب ذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتهاده في منعه ونصرته، فهو أهون أهل النار عذاباً، ويفعل الله ما يشاء مما يطابق سابق تقديره.) 
وأحسب أن التسرع في تكفير الناس أمر خطير لا مبرر له، وخاصة ونحن نتناقش على مائدة السيرة النبوية، وكما قال الأخ عبد الرحمن: (كان حري بمن كفّر وجعل عمل الذين يقيمون مثل هذه الاحتفالات من باب الشرك بالله، والخروج عن حدوده، أن يفتي لهم بصوم يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة ببعض الأيام المباركة عند المسلمين كيوم الإسراء والمعراج، ويوم الوقوف على عرفة، ويوم عاشوراء وغيرها من الأيام، دليلاً على محبة نبيهم صلى الله عليه وسلم)  
فأنا في الوقت الذي أشكر فيه الأستاذ عبد الرحمن الخطيب على هذه المداخلة والمطالعة العلمية، أذكّر الأخ الشيخ عبد العزيز السعيد بأن يبتعد عن  الإنفعال، ويقترب من الحوار الهادف البناء، ويتجنب تجريح إخوته من المسلمين، وعليه أن يجلس معنا في أي وقت شاء، لنتدارس هذا الموضوع بما يعين على مزيد من الفهم، خاصة ونحن في عصر نرى فيه: (إن أكثر من بليون مسلم يحتفلون بمولد الهدى كل عام، صلوات الله وسلامه عليه، محبة فيه، وأنا أولهم منذ نعومة أظفاري، أفلا ندعهم على نواياهم، لعله صلى الله عليه وسلم يكون شفيعهم الشفاعة العظمى يوم القيامة؟) 
والله من وراء القصد وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل  

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب